الرأي

جازان «الغالية» ومؤسسة النقد!

يصير خير

محمد حدادي
لو أن مؤسسة النقد تعتمد الرؤية المجردة بالعين – دون الحاجة للغة «الأرقام» - لرأت «جازان» تعلوها سحب دخان حرائق الغلاء! الغلاء الفاحش الذي يحرق بناره المواطن «الغلبان» دون نية لإخماده من أي جهة رقابية! ولكن ما الذي بوسعنا فعله لنثبت لمؤسستنا الوطنية أن الغلاء «يشوينا» بناره حتى تشير إليه كمستبد وإلينا تشير كضحايا؟! هل لصرخاتنا صدى إن صرخنا؟! لا أعتقد! فلنا تجارب سابقة - نحن سكان «المنطقة»- مع بعض الجهات ذهبت فيها صرخاتنا سدى! لم نستطع أن نثبت لوزارة الصحة أن مستشفياتها تحترق! وصرخاتنا لشركة «الكهرباء» تبخرت ونحن نخبرها بغلاء فواتيرها! فيما هي تشدد على المشتكي دفع الفاتورة أولا ثم «المفاصلة» حولها لاحقا! والأمثلة الأخرى «دون حساب»! نعود لمؤسسة النقد؛ فهي اعتمدت في شرح تقريرها الأخير - لمؤشر تكلفة المعيشة في مدن المملكة - على معدل الفرق «بين الربعين الثاني والثالث» للعام الحالي؛ ليقول لنا «بيانها المكتوب» إن مدينة عرعر تتصدر متوسط «تكاليف المعيشة» خلال الربع الثالث بنسبة بلغت 1.5%، بحثت عن «جازان» في شرح مؤسسة النقد «الكتابي» ولم أجدها لا في الأعلى ارتفاعا ولا الأقل نزولا! ذهبت لمطالعة الرسم البياني لأجد أن «جازان» ضمن المناطق الأعلى انخفاضا بـ (0.1%) وهذا صحيح إن حسبناها بالفارق «الربعي»؛ إنما لو أخذنا بمجمل النسبة السنوية نجد أن «جازان» انفردت بالمركز الأول دون منازع كأعلى المناطق غلاء في المعيشة بـ(156) نقطة! وكنت أتمنى أن يشير التقرير إليها ويسميها باسمها كونها «متصدرة الترتيب» بمتوسط الرقم القياسي لغلاء المعيشة على مدى عامين متتابعين! وستبقى فيه ربما لسنوات خصوصا مع إقرار «القيمة المضافة» التي لن تضيف لنا سوى مزيد من الغلاء! يقابله «سبات شامل» من الجهات الرقابية – كالأمانة وفرع وزارة التجارة - التي أعتقد أنها تفكر جديا بالهرب من موجات الغلاء المتتابعة بمنطقتنا نحو مناطق أخرى! وإمعانا في «البعد» لهذه الجهات الرقابية ربما نجد إعلاناتها في وسائل الإعلام العالمية وهي تبحث عن مقرات لها في القطب المتجمد الشمالي! ليتحقق لها استكمال قضاء «سباتها الشتوي» في بيئته الأصلية المناسبة؛ بجانب أن تكاليف المعيشة على منسوبي هذه الجهات ستكون أقل غلاء من جازان! فتجار «الأسكيمو» بالطبع سيكونون أكثر رحمة وأقل جشعا رغم بيئتهم الجليدية القاسية!