لم نحارب الشباب؟
الاثنين / 6 / ربيع الأول / 1438 هـ - 19:15 - الاثنين 5 ديسمبر 2016 19:15
خلال العقود الثلاثة الماضية كان المسؤولون ورجال الأعمال يشكون من ضعف ثقافة الشباب السعودي في العمل، وعدم قبولهم بكم هائل من الوظائف ذات الدخل الجيد، أما اليوم فالشباب السعودي أثبتوا للعالم أجمع بمهنيتهم العالية وقدراتهم أنهم أهل للمسؤولية، وأنهم حجر الزاوية في عملية البناء والتنمية.
سرني مشهد عربات الطعام ذات التصاميم الجمالية المميزة بالطرق الرئيسة في الرياض، والتي يعمل بغالبيتها شباب سعوديون في تجهيز الطعام وتقديم الحلويات والمشروبات والقهوة وعدد من المأكولات والمشروبات المختلفة بحرفية وجودة عالية، وما سرني أكثر أنهم بحثوا عن الحلول وصنعوها بأنفسهم ولم يستسلموا للبطالة وعدم توفر الوظائف!
قد يسخر البعض من العمل في عربات الطعام وأنها ليست ذات جدوى اقتصادية، إلا أنها في الحقيقة ذات تأثير جيد تبعا لـ»IBISWorld» فإن عربات الطعام التي يتجاوز عددها 5 آلاف عربة في الولايات المتحدة الأمريكية حققت خلال عام 2015 أرباحا تتجاوز 800 مليون دولار أمريكي، ويعمل بها أكثر من 14 ألف شخص، وتحقق نموا يتجاوز 9% سنويا، هذا يجعل منها خيارا جيدا للشباب السعوديين المهتمين في هذه الصناعة، ويخلق فرصا وظيفية وتنموية غير تقليدية.
قد يتبادر لذهنك سؤال: هل وجود عربات الطعام والبائعين في تلك الطرق الرئيسة تصرف سليم؟ نعم أتفق معك أن وجودهم قد يتسبب بازدحام الطرقات، لذلك كان رجال المرور حرصا منهم على سلامة سالكي الطريق يمنعونهم في كثير من الأحيان من التواجد وبيع منتجاتهم.
الحلول دائما بسيطة وبديهية، لكن لا أعلم لماذا تأخذ وقتا طويلا في كثير من الأحيان.
لماذا لا تخصص أمانات المناطق شوارع أو ساحات مخصصة في المدن لتلك العربات، وتصاحبها بعض الفعاليات والعروض، بحيث تكون بيئة جاذبة وترفيهية إبداعية خلال أوقات يومية أو موسمية محددة، ويكون عملهم من خلال تراخيص توحد مواصفات السيارات وتضمن اشتراطات الجودة والسلامة والأمان لمقدم الخدمة والمستهلك.
كما أرجو عدم السماح للمطاعم بالعمل عن طريق العربات؛ حتى لا يفقد الشباب هذه الفرصة في بحر منافسة غير عادلة، وأن يكون أحد شروط الرخصة اقتصار العمل بها على الشباب السعودي فقط؛ حتى لا تتحول إلى سلسلة جديدة من التستر والعمل غير النظامي لتكون دافعا أكبر لعمل الشباب السعوديين المهتمين بهذه الصناعة.
أتمنى أن تتبنى الغرف التجارية الصناعية بالمناطق والجهات المعنية مبادرة وطنية تدعم الشباب ماديا من خلال الجهات الداعمة المختلفة، وتساعد في تأهيل من لا يملك الخبرة الكافية عن طريق المعاهد أو الشركات المختصة، وأن تساهم في إيجاد حيز لمالكي تلك العربات للمشاركة في المهرجانات والفعاليات الوطنية والموسمية لتكون رافدا اقتصاديا للشباب وتبرز جهودهم وإبداعاتهم. لعلنا في المستقبل القريب نزور مكانا مميزا وإبداعيا في كل منطقة يحوي عربات الطعام وعددا من النشاطات المختلفة بشكل منظم ورائع قائم على نفطنا الحقيقي «شبابنا».