الاتحاد قطاف الحزم
الاحد / 5 / ربيع الأول / 1438 هـ - 20:30 - الاحد 4 ديسمبر 2016 20:30
من الخطأ مقارنة مخاطر البرنامج النووي الإيراني أو حتى مشروعها التوسعي بما حققته إيران من تفجيرها قنبلتها الطائفية فينا، ونتائج ذلك مهما اختلقنا من أعذار إلا أننا من سهل لها ذلك الأمر. وكذلك هو أمر الاستمرار في تعويمنا لفرضية أن إيران هي مصدر التهديد الأكبر لأمنا القومي خليجيا وعربيا. فمعادلة التحولات الجيواستراتيجية دوليا هو الخطر الأكبر في حال استمرت منظومة دول مجلس التعاون معطلة لمشروع الاتحاد الفدرالي. فحال نضج الظرف الموضوعي فإن قوى إقليمية ودولية سوف تنضم لإيران في رغبة التوسع جغرافيا على حساب كامل منظومة دول مجلس التعاون حتى قبل انقضاء العقد الحالي. ولقمة البحرين 37 الخليجية القادمة استحقاق أوحد هو إعلان الاتحاد ولا شيء سواه.
ربما بات ضروريا إعادة قراءة التاريخ السياسي من خلال برجماتية الخصوم والحلفاء، فالجغرافيا السياسية سقطت بسقوط جدار برلين. وحتى جريمة غزو الكويت في 2 أغسطس 1990 تعد اليوم حدثا عابرا إذا قورن بما تعرضنا له جميعا من المحيط إلى الخليج منذ غزو العراق في أبريل 2003. إلا أننا اليوم بفضل قرار عاصفة الحزم أدركنا ماهية السياسة ومفهوم معايير القوة في توظيفاتها برجماتيا.
فاستقرار الجغرافيا السياسية يبقى مجرد فرضية إن لم تفرض فرضا، وإن فعل إرادة القوة ودماء شهداء الحزم هو ما أعاد رسم حدودنا السياسية على جغرافيا السياسة. ويجب ألا نقبل بعد اليوم توظيف مصطلح حليف إن لم نكن نحن على استعداد لبذل ضريبة الدم دفاعا عنه مثلما نتوقع عكس ذلك، فللتحالف الاستراتيجي استحقاقات آخرها الدم في الدفاع عن ذلك الحليف. فعملية التزاحم المباشر على المصالح بين القوى الكونية لن تستأذن أحدا في رسم خريطة مصالحها.
عاصفة الحزم أعادت صياغتنا من جديد ليس عسكريا بل إنسانيا، وقطاف الحزم يجب أن يكون الاتحاد الخليجي ولا شيء سواه. وإن كان الإجماع هو شرط إعلان ذلك، فيجب التضحية بذلك الإجماع، استجابة لقرار أهل الخليج الذين أكدوه مرارا وتكرارا. وإن كانت الوساوس هي من سيقف في طريق ذلك فيجب تحمل مرارة القرار، فآخر العلاج البتر. وأما إن كانت التباينات السياسية هي العائق الأوحد، فلترحل تلك التباينات الآن إلى حين تذويبها عبر مشاريع أكبر منها. فالتحولات المستقبلية ستتجاوز كل ما مررنا به منذ غزو الكويت وإلى يومنا هذا، وإن استصعاب الحواجز الآن سيحولها إلى جدران لاحقا. ويجب أن نتعامل مع الاتحاد كاكتتاب في إرادة وطنية جديدة. هذه الإرادة نحن ندين بها لكل شهداء الحزم وإياكم أن تشيحوا بوجوهكم عن حقهم في قطاف حزمهم الذي دفعوا أرواحهم ضريبة له.
هذا عهد استحقاقات راعي الحزم أبوفهد سلمان وإخوانه لكل أهل الخليج «واهب الدر والردى» كما وصفه السياب، إلا أنه اليوم لن يسمح فيه «بالنشيج».