الرأي

جامعة عفت في ساحة المستقبل

يحق لمدينة جدة أن تفتخر بما حظيت به في تاريخها من ميزات جعلتها تتفرد وتتميز في نشر العلم والتأسيس له وليس مثل العلم ما يدعو إلى التميز والفخر. ففي جدة انطلقت منارة العلم وأضاءت شعلته في الجزيرة العربية منذ تأسيس مدارس الفلاح، وبعدها مدارس الثغر النموذجية للبنين، ثم مدارس دار الحنان للبنات وغيرها من الصروح العلمية التي شاركت بمخرجاتها من الكفاءات في بناء الوطن في البدايات، ولا ننسى الكثير من الجهود الحكومية والأهلية. ونذكر منها على سبيل المثال المدرسة النصيفية وبيت الطفل ومدرسة الثقافة الشعبية وروضة المعارف الأهلية ونماذج مشابهة في مدن أخرى في هذا الوطن الغالي. كما أن هناك نماذج كثيرة لرجال ونساء ساهموا في التربية والتعليم تركوا بصماتهم على الأجيال ما زالت ذكراهم باقية بيننا. واليوم تقف جامعة عفت بنا في ساحة المستقبل تدفع بخريجاتها نحو الحياة العملية بثقة وإمكانات وفكر تجاوز الأنماط التعليمية التقليدية، إلى انطلاقة تجعل من الفتاة اللبنة القوية في صرح الوطن، لا تقل عن الشاب إن لم تتجاوزه بما لديها من مهارات وقدرات في بعض المواقف؛ بسبب ما تتصف به الفتاة من رغبة قوية في إثبات دورها وتحقيق ذاتها في المجتمع. ولم يكن ملتقى جامعة عفت الذي استضافته الجامعة، بمشاركة شركة تشكيل التي ترأستها سفيرة يوم رائدات الأعمال العالمي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، الأسبوع الماضي بمناسبة اليوم العالمي لرائدات الأعمال، مجرد مشاركة عابرة في هذه المناسبة بل كان تجسيدا حقيقيا لمفهوم التعليم المتطور، ونتيجة طبيعية لما تخطط له الجامعة وما تسعى إليه من أهداف منذ خطواتها الأولى. وكان من أهداف الملتقى الأساسية إلقاء الضوء على أهمية ودور ريادة الأعمال في تحقيق رؤية المملكة 2030 والتعرف على منظومة وبيئة ريادة الأعمال ودور كل من القطاع العام والخاص في تطوير ودعم الشركات الصغيرة والمتوسطة. وقد ضم الملتقى ست جلسات حوارية شارك فيها المهتمون بمجال ريادة الأعمال وإطلاق المشاريع، كما شارك في دعم الملتقى جلف ون كابيتال وعدة شركات مثل قطوف وصلة وكريم وجريدة مكة. ومنذ أن أعلنت الملكة عفت الثنيان حرم الملك فيصل بن عبدالعزيز يرحمهما الله عن إنشاء الجامعة في عام 1999 أخذت على عاتقها النهوض بالفتاة والانطلاق بها لتصبح في مستوى المنافسة والتفوق وتأهيلها لتحمل درجتها العلمية ممهورة بالإصرار والعزيمة وحب الوطن، ويؤكد هذا حصول الجامعة بعد سبعة عشر عاما من تأسيسها على جائزة الملك عبدالعزيز للجودة عن فئة الجامعات الأهلية. هذا ما لمسته ولمسه الحاضرون للملتقى الذي عقد في الجامعة تحت شعار نحو 2030 برعاية كريمة من صاحبة السمو الملكي الأميرة لؤلؤة الفيصل وحضور محافظ الهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة وممثلين للجامعات المختلفة في المملكة والغرفة التجارية الصناعية بجدة وكبريات البيوت الحاضنة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة. وكان من توصيات الملتقى أن يؤسس للقاء سنوي للتنسيق بين جامعة عفت والهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة، وكان ذلك مبادرة مديرة الجامعة دكتورة هيفاء جمل الليل لتذليل العقبات التي تواجه الخريجات في الحصول على التراخيص الرسمية اللازمة لمشاريعهن ومساعدتهن في بداية الطريق بالتوجيه والمساندة. ولقد أعلن في الملتقى عن إطلاق أنشطة مركز أبحاث الابتكار وريادة الأعمال بالجامعة (BI&E) لدعم رؤية المملكة 2030 وكذلك المساهمة في تطوير قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة، الأمر الذي يعزز دور الجامعة السباق في المشاركة الفعالة والنموذجية للتوجه العام للدولة في برنامج التحول الوطني الطموح. وخلال الملتقى طرح المتحدثون سؤالا جوهريا يستحق الوقوف عنده ولا يحق تجاوزه وهو جدير بأن يطالب الجميع بالجواب عليه وهو: هل تقوم الجامعات الحكومية أو الأهلية بمتابعة خريجيها في سوق العمل وتعرف أين انتهوا وكيف؟، والسؤال الثاني الذي لم يطرح علنا ولكنه بقي في عيون المنظمين وهو: لماذا غاب المسؤولون في الجهات الحكومية والداعمة عن الملتقى؟