الرأي

اليمن وعشاء كيري الأخير

عبدالله الجنيد
ربما يجب تجاوز محطات جون كيري الأخيرة، خصوصا بعد تراجع وزارة الخارجية الأمريكية عن إعلان التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار في اليمن، والبدء في الإعلان عن حكومة وفاق وطني قبل نهاية ديسمبر المقبل. ويبقى إدراك حقيقة واحدة يمكن قراءتها على وجه الرئيس أوباما خلال إعلان فشل إدارته في التوصل إلى أية صيغة مع روسيا حول سوريا، والحصيف يقرأ في ذلك التصريح ما هو أبعد من سوريا. فالإدارة الأمريكية رأت في تجاوز الرياض في جولة كيري الأخيرة ورقة ضغط قابلة للتوظيف في الساعة الأخيرة لاستخلاص حل للملف اليمني. إلا أن افتراضها أن التحصل على تعهد خطي من قبل ممثلي الحوثي وصالح قد يكون مقبولا لدى الرياض، إلا أنه انهار لتعارضه وثوابت ذلك الملف. ويبدو أن الوزير كيري فشل حتى في التحصل على تعاطف نسبي مع مبادرته من الإمارات العربية المتحدة لتعارض المبادرة وإجماع التحالف العربي مما اضطره بعدها للاعتذار عن ما ادعاه من مسقط. إلا أننا اليوم أمام يمن يفتقد للقدرة على قيادة موقف يقود للخروج أو التخارج من الأزمة، ومع تقديرنا لشجاعة الرئيس هادي التي تعدت الرمزية الوطنية، إلا أن الرئيس وحكومته لم يجتهدا ميدانيا أو سياسيا كما يجب يمنيا. فرفض الشرعية المبدئي لمقترح ولد الشيخ الأخير تحول لقبول شكلي لاحقا بدراسته من قبل لجان، فما هي رسائل ذلك الموقف تحديدا. وكذلك كان الحال من توضيح موقف الرئاسة من إعلان كيري الأخير من مسقط، فلماذا تأخر الرئيس إن لم تكن الشرعية طرفا مشاركا في محادثات مسقط. جميعنا يدرك أن الملف اليمني لم يكن يمنيا في أي وقت من الأوقات؛ لأن الجغرافيا السياسية هي من فرضت ذلك، إلا أن افتراض التسليم بذلك على حساب استقرار دول الجوار اليمني أمر مستبعد. فإن كان اليمن الموحد مشروعا فاشلا، والفيدرالي مرفوضا، فلربما بات خيار فك الارتباط بالمشروعين هو الحل الأنسب ليتجاوز كلا اليمنيين محنة الزواج القسري. وبذلك تخرج اليمن ودول الخليج من عملية الاستنزاف القائمة في اليمن على حساب الجميع. وهنا نحن لا نفترض بقدر ما نحاكي الواقعية السياسية، وكلنا يعي تكلفة الاستنزاف السياسي وتأثيرات ذلك سياسيا. لكن في حال قرر اليمنيون فك الارتباط، فإن على يمن الشمال إدراك أن لذلك تكلفة سياسية عليه تحملها الآن ومستقبلا، فافتراض القبول بتحويل أراضيه لضيعة لا تنتج غير ابتزاز جيرانها لن يعفيها من المساءلة السياسية. أما الجنوب فعليه عدم تكرار أخطاء الوحدة أو حتى أخطاء دولة الجنوب ما قبل الوحدة. فكلتاهما لم تقدم لليمنيين ما يطمحون إليه، بل إن استنساخ دولة الشمال هو أكبر مهددات نجاح الجنوب الآن، لذلك يجب أن تكون الخطوة الأولى هي تنفيذ قرارات المصالحة اليمنية حرفيا كخطوة إلزامية لإطلاق عملية الانتقال السياسي والإعداد لانتخابات رئاسية كجزء من استحقاقات الانتقال السياسي في غضون سنتين. فاليمن المتحد أو بدولتين يملك من الموارد ما يكفيه لتحقيق الاستقرار والتنمية، وكذلك الخبرات ورؤوس الأموال اليمنية المغتربة التي تملك أن تقدم الكثير لليمن بشرط أن يضمن اليمن حقوق رؤوس الأموال تلك. aljunaid.a@makkahnp.com