الرأي

في بلدنا شاذ!

سحر أبو شاهين
أثناء سفري لدولة آسيوية، كنت أقارن ميزات الرحلات السياحية في الأكشاك الصغيرة حول الفندق، وجدت السعر الأقل لدى رجل طويل الشعر يضع أحمر شفاه صارخا، وثديين صناعيين، منظره المقرف لم يمنعني من حجز الرحلة البحرية، وليتني لم أفعل! في اليوم التالي سارت الرحلة بسلاسة حتى موعد العودة، حينها صعد للدور الثاني من قارب يغص بسياح مختلفي الجنسيات والأعمار رجل يرتدي ملابس نسائية مبتذلة، ويؤدي حركات هابطة، فما كان مني ومن زوجي وابني الصغير إلا الفرار للدور السفلي، وكذلك فعلت أسرتان بحرينيتان! في حين كان يصلني من موقعي تصفيق وصيحات استحسان السياح الأجانب وأطفالهم! الشذوذ الجنسي لديهم منتشر في كل زاوية، يعملون في كل المواقع بما فيها المطارات واجهة بلدهم. تناقشت مع أحد مواطنيهم أثناء إحدى الرحلات عن سبب الظاهرة، وهل سيقبل ابنه في حال أصبح شاذا، فقال إنه سيترك القرار له دون تدخل، وإن الشذوذ منتشر أيضا في بلدكم، أجبته بأن الشذوذ في بلدنا مرفوض تماما دينيا ومجتمعيا، لذا فلا مجال لأي مقاربة بين حجم انتشاره في البلدين. ردي عليه سبق معرفتي بعدم وجود دراسة علمية حول الشذوذ الجنسي لدينا، لأننا غالبا لا ندرس ما قد تزعجنا نتيجته. دراسة حديثة لبرنامج الأمان الأسري أظهرت أن 21% من الأطفال تعرضوا لعنف جنسي في طفولتهم، غالبيتهم ذكور، كما أجبر واحد من بين كل 15 طفلا على مشاهدة مقاطع جنسية، وصور واحد من كل 40 طفلا في أوضاع إباحية، ما لم تذكره الدراسة - وأجزم بصحته- أن جزءا من هؤلاء سيتحولون لشاذين جنسيا مستقبلا، لأن هويتهم الجنسية تفتحت على أفعال شاذة وغير طبيعية، وهذا يؤثر حتما في تشكيل الميول الجنسية عند البلوغ، شدة الانحراف تتأثر بعمر الطفل وطريقة وطول مدة استغلاله جنسيا، وعدم تلقيه الرعاية النفسية العلاجية اللازمة في الوقت الملائم، تأخر اللجوء لذوي الاختصاص يصعب العلاج أو يجعله مستحيلا. نسبة الـ 21% مهولة، فهي تعني 1,278,980 طفلا من بين 6,090,383 طفلا سعوديا أعمارهم بين 0 حتى 14 سنة، بحسب بيانات الهيئة العامة للإحصاء لعام 2016. حماية الطفل وتثقيفه جنسيا مسؤولية والديه أولا وأخيرا، وبما أن أغلب المتحرشين بالأطفال أقارب لهم، فيتحتم وضع حدود وضوابط لثقة الوالدين الزائدة بمن يتركون طفلهما معه، فالمتحرش قد يكون ابن عمه أو ابن خالته، وابنة عمتها أو ابنة خالتها، كما قد لا يتجاوز عمر المتحرش الـ 12 عاما. الأم التي تفرح بسفرها بمفردها مع زوجها، وتلتقط صور سيلفي سعيدة مع معالم البلد الذي هي فيه، يجب أن تضمن سلامة أبنائها أولا ومع من هم. يجب أن نصاحب أبناءنا، نقترب منهم، نسألهم دوما - بشكل غير مباشر- عن تفاصيل يومهم خارج المنزل، أي ألعاب مارسوا، ماذا شاهدوا في التلفاز والأجهزة الالكترونية، نطلب منهم ربما رسم أحداث اليوم، أو حكاية قصة عن قطة أمضت وقتا بعيدا عن والدتها، سيسهم ذلك بإذن الله في اكتشاف وحل سريع لأي مشكلة.