المحاسبة ليست الحاسب!
الاحد / 20 / صفر / 1438 هـ - 19:30 - الاحد 20 نوفمبر 2016 19:30
كانت ولا تزال المحاسبة من المعارف غير المتداولة والنادرة. يجد الكثير من الناس صعوبة في فهم أدوارها وطريقة عملها. وهناك من يخلط بينها وبين مهام البنوك، أو بينها وبين الحاسب (لتشابه التسمية).
وما يزيد الأمر دهشة وجود مدراء يقودون مشاريع صغيرة ومتوسطة وهم لا يملكون أي خلفية عن الأمور المالية والمحاسبية، والبعض قد لا يدرجها إطلاقا ضمن المشروع. إليكم شاهدا وقع لي بعد أن حصلت على شهادة البكالوريوس في المحاسبة، قدمت سيرتي الذاتية للعمل في مشروع مبتدئ وتم قبولي، ولكني علمت لاحقا أنهم قبلوني خطأ، فقد التبست عليهم المحاسبة بالحاسب!
المحاسبة من أكثر الأقسام الإدارية أهمية في المشروع، كونها الأداة التي يتم من خلالها قياس قيمة المشروع ومتابعة أدائه ونموه. ويعد المدير المالي أحد كبار التنفيذيين والشخصيات المؤثرة التي تتصل مباشرة بالمدير التنفيذي.
تعمل المحاسبة كنظام للمعلومات، تقيس قيم الممتلكات ونتائج المبيعات وبقية الأنشطة (الأرباح) وتلخصها في تقارير مالية ليتم تقديمها للمهتمين. يتم تصميم هذا النظام بحسب احتياجات المستفيدين من المعلومات المالية، وهؤلاء المستفيدون فئات مختلفة ومتعددو الأغراض والأهداف (لهذا ظهرت عدة فروع للمحاسبة: محاسبة مالية، ومحاسبة إدارية، محاسبة ضريبية، محاسبة بنوك).
ولو اقتصرت الحديث على المحاسبة في إطار الشركات المدرجة بأسواق الأسهم والتي كانت أحد أكبر العوامل التي ساهمت في تطورها، فإن أهم المستفيدين هم: المساهمون (الملاك) والإدارة التنفيذية، لماذا؟
وفقا لنظام الشركات المالية، يتم الفصل بين الملاك (المساهمين) واستثماراتهم (أموالهم) التي توضع تحت تصرف وقرارات الإدارة التنفيذية بالكامل. هؤلاء المساهمون لا يملكون القدرة على اتخاذ أي قرار بشأن أموالهم أو التصرف فيها إلا من خلال الاتصال بالإدارة التنفيذية ولا يتم ذلك بشكل مباشر وإنما من خلال مجلس الإدارة الذي يتكون من أعضاء منتخبين، وعادة ما يشمل كبار الملاك وأعضاء تنفيذيين.
وقد تطورت المحاسبة ولا تزال تتطور سريعا لتخدم أغراض هذه الفئة (المساهمين) لتمكينهم من الحصول على معلومات دورية وعادلة حول أملاكهم ونتائج الأداء.
يستخدم المساهمون هذه المعلومات وبالأخص المعلومات المتعلقة بالأرباح والخسائر لاتخاذ قرار شراء أو بيع الأسهم. أيضا يستخدمونها لتقييم كفاءة الإدارة في تنمية استثماراتهم وجني الأرباح وكشف ما إذا كان هناك أخطاء أو تلاعبات أو غش مالي من قبل الإدارة التنفيذية ومن يعمل تحتها. يقوم المساهمون بتعيين محاسب قانوني (مراجع خارجي، ومستقل عن الإدارة، أي لا يعمل تحتها) مهمته مراجعة كشوف الحسابات وكشف الأخطاء والغش، وذلك باختبارات يجريها على النظام المحاسبي المتبع بالشركة ووفقا لمعايير المراجعة والمحاسبة المتبعة. يصدر المحاسب القانوني رأيه حول عدالة الأرقام الواردة بالتقارير وخلوها من الأخطاء الجوهرية.
أما المستفيد الآخر من المحاسبة فهي الإدارة التنفيذية التي تعتمد على أرقامها في تحليل وترشيد القرارات المتعلقة بالمشروع وبأهدافه. من بين تلك القرارات ما يتعلق بتخفيض التكاليف ورفع كفاءة الأداء واكتشاف الفرص وتجنب المخاطر. وهذه الأهداف إذا تحققت سوف تنعكس على نمو أرباح المشروع واستثماراته.
تمر المحاسبة بتحديات مستمرة. فعملية القياس تزداد صعوبة مع تزايد اعتماد المشاريع على الأصول غير الملموسة في تنمية الاستثمارات (كالأبحاث والتطوير والعلامات التجارية). وأيضا، يواجه العرض الموحد للتقارير المالية (الذي يهدف إلى تمكين المستفيدين من إجراء المقارنات والتحليل) تحديات ناشئة عن اندماج الأسواق المالية العالمية لاختلاف الممارسات المحاسبية بين بعض الدول المتقدمة وأيضا النامية.
almarahbi.h@makkahnp.com