لماذا لا يحب السعوديون السعوديين
دبس الرمان
الاحد / 20 / صفر / 1438 هـ - 18:15 - الاحد 20 نوفمبر 2016 18:15
أجواء ساحرة، حسنا باردة جدا وهنا سحرها. جنسيات مختلفة، ألبسة مختلفة، لغات وحروف وجمل وتعابير تتطاير من هنا وهناك معلنة مزيجا من الثقافات والعقائد التي جمعها حب الحياة والسياحة والبحث عن المتعة. وفجأة ظهر ذلك المخلوق العجيب، هربنا منه إلى ناحية أخرى، يا إلهي ظهر كائن آخر منهم. جرينا بأقصى سرعتنا للاتجاه المعاكس في محاولة للهرب، يا رب السماوات ظهر ثالث وهناك رابع، ربي رحمتك نرجو، نحن محاطون بالسعوديين من كل الجهات أين المفر.
أليس من العجيب أننا نحن السعوديين نهرب من بعضنا ونكره مقابلة بعضنا في الخارج كما يهرب المحارب من كائنات الزومبي في أفلام الرعب خشية أن يصبح منهم.
ترى الواحد منا مستمتعا طلق المحيا، منفرج الأسارير، يمازح زوجته، يلعب مع أولاده، يلتقط الصور منطلقا على سجيته. فإذا ما وقع نظره أو ربما استنفرت حواسه لوجود أحد بني وطنه، شعر بالخطر والاستنفار وتعكر مزاجه، لملم ضحكته ومزاجه الحسن والتفت لزوجته محذرا إياها، ويعد أولاده خيفة أن ينقص عددهم.
شيء عجيب حقيقة، فعادة يفرح أحدهم من التقائه مع بني وطنه، ثقافته، دينه في بقاع الأرض البعيدة عن مكانهم الأصلي، إلا نحن السعوديين.
ترى ما السبب؟ ترى ما العلة؟ ألا يعكس ذلك فكرا معينا؟ ألا يعكس ذلك توجسنا من بعضنا؟ ألا يعكس ذلك خللا في ثقتنا في بعضنا؟ ألا يخبر صراحة أن علاقاتنا يشوبها الخلل؟ ألا نهرب من بعضنا في الخارج، لأننا في الداخل نجد صعوبة في تقبل بعضنا. نجد غضاضة في استيعاب اختلافاتنا.
وألا يدل أن إجازتنا هي أيضا إجازة من مجتمعات انشغل أفرادها في مراقبة بعضهم، وغارقون تماما في الحكم والإشارة والاصطناع. ونحاول في الخارج الفكاك من أجواء الحكم والتعييب وعيون الحسيب والرقيب وسيوف الألسنة والقيل والقال!
أليس من المضحك أننا حين نسأل أحدهم عن مكان زاره فيجيب قائلا (جدا جميل ولكن للأسف مليان سعوديين) مستثنيا نفسه من تعميمه الذي يحمل في طياته الكثير من القسوة وعدم التقبل.
أعزائي السعوديين ما أجمل أن نخفف من عنجهيتنا قليلا، لا لشيء إلا أن نصبح أفضل، سنتعايش أفضل، وستصبح مجتمعاتنا أفضل. كل ما علينا أن نتعلم أن نمارس على بني وطننا ما نمارسه مع جنسيات العالم الأخرى. بأن ندع الخلق للخالق، بأن نعطي للآخرين بطيب نفس حق الاستمتاع مثلما نعطيه لأنفسنا، والأهم أن نعالج انفصامنا الذي يدفعنا للاصطناع في مجتمعاتنا، وبالتالي الهرب لعيش أنفسنا كما هي في بقاع الأرض الأخرى.
heba.q@makkahnp.com