تهمة الوهابية
تناقلت بعض وسائل الإعلام العربية خبر اعتذار الداعية العراقي أحمد الكبيسي عن تصريحاته المسيئة تجاه الشيخ محمد بن عبدالوهاب، رائد المدرسة السلفية الحديثة، ووصفه بأنه صناعة يهودية، مؤكدا بالغ احترامه له ولمن يسير على نهجه
الاثنين / 6 / ذو القعدة / 1435 هـ - 18:45 - الاثنين 1 سبتمبر 2014 18:45
تناقلت بعض وسائل الإعلام العربية خبر اعتذار الداعية العراقي أحمد الكبيسي عن تصريحاته المسيئة تجاه الشيخ محمد بن عبدالوهاب، رائد المدرسة السلفية الحديثة، ووصفه بأنه صناعة يهودية، مؤكدا بالغ احترامه له ولمن يسير على نهجه. وبرر الكبيسي ما بدر منه بحماسته وانفعاله، على خلفية الأحداث التي تشهدها بلاده وتهدد وجودها نهائيا كدولة عربية إسلامية موحدة، بسبب جماعات عديدة تدّعي الانتساب إلى منهج الإمام محمد بن عبدالوهاب. الشاهد أنه بعد تصريح الكبيسي وإحالته للقضاء الإماراتي، ومن ثم الإفراج عنه بدعوى عدم الاختصاص، تطوع المحامي السعودي عثمان الدعجاني لمقاضاته في مقر إقامته، بحجة أن حديثه وإن كان على قناة عراقية إلا أنه وصل لمختلف أنحاء العالم. في ظني أن الشيخ محمد بن عبدالوهاب ودعوته السلفية لا يحتاجان لمن يقيم دعوى قضائية ضد من يسيء إليهما، بقدر الاحتياج إلى من يوضح للناس حقيقة الدعوة والمضامين القائمة عليها. بمعنى أن تهمة «الوهابية» التي يوصم بها السعوديون عادة، كناية عن التطرف الديني، إذا كانت تظهر سابقا عندما تتقاطع مواقف مطلقيها مع المواقف السياسية للمملكة، إلا أن الكبيسي في هذه المرة ذهب لأبعد مما ذهب إليه الأولون، عندما اتهم الشيخ ودعوته كلها بأنهما صناعة يهودية. فإذا كان الكبيسي وهو الداعية المتبحر في العلم الشرعي، انزلق إلى هذا المنزلق الخطير، من هول الأفعال والأقوال التي تنسب للشيخ ودعوته، فما حال الشخص البسيط ممن ينساق تلقائيا خلف من يدّعون العلم الشرعي ويفسرونه له؟ من المؤكد أن تلاميذ المدرسة السلفية «المعتدلين» مقصرون تجاه شيخهم ودعوته، في مقابل إصرار المغالين منهم على تغطية أفعالهم وجرائمهم بغطاء السلفية. وهنا أجدني أستحضر كلمة خادم الحرمين مرة أخرى وهو يطلب من العلماء نفض ثوب الكسل عنهم والقيام بدورهم في توضيح الصورة الحقيقية، ليس لدعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب فحسب، بل للدين الإسلامي، خاصة أن أعداءه لا يتورعون عن توظيف النصوص والأحاديث الموجودة في كتب السلف بما يوافق أهواءهم ومعتقداتهم. ومن المؤكد كذلك أنني لست هنا بصدد الدفاع عن الشيخ محمد بن عبدالوهاب، فلهذا المضمار رجاله ولست منهم، ولكنني أجد أن من حق هذا الرجل ودعوته علينا إزالة ما علق بهما من شوائب، ورد ما يخالف صحيح الإسلام إن وجد، وعدم ترك الأمر ليقين الموقنين بصحة دعوته، فهذا الأمر وإن كان مقبولا فيما مضى، إلا أنه أصبح لا يوائم حاضرنا، خاصة بعد تجرؤ «المتشيخين» وتصدرهم المجالس واعتلائهم المنابر لينزلوا كلامه في غير منازله.. فهل ننتصر لصحيح دعوة الشيخ أم سنظل ندور في حلقة التأويل والتفسير؟