أرادوا إحراجه.. فأحرجهم
الاحد / 13 / صفر / 1438 هـ - 03:15 - الاحد 13 نوفمبر 2016 03:15
نادرا ما تجد مسؤولا عربيا لديه القدرة على قلب الطاولة في وجه هواة الأسئلة الملغومة أو المحرجة أو حتى التعليقات المستفزة.
هذا النادر لا يمكن أن يتجاوز بأي حال من الأحوال وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، والذي تمكن خلال الأشهر القليلة الماضية في كل من ميونخ وواشنطن وبروكسل ولندن، بما يمتلكه من سرعة بديهة وذهنية حاضرة متقدة، من رد الإحراج الذي أريد إيقاعه به، على صاحبه، وذلك بتعليقات واضحة ومباشرة تارة، وصادمة تارة أخرى، وباعثة للسخرية من مطلقها تارة ثالثة.
1 هناك من يقول إن داعش تمثل الإسلام وبشدة؟ -ميونخ 12 فبراير / مؤتمر ميونخ للأمن-
عادل الجبير: في كل دين متطرفون ومضطربون ذهنياً يحاولون انتهاكه، 'فداعش' منظمة إسلامية بقدر ما إن منظمة 'كو كلوكس كلان' (KKK) مسيحية. ألا يستخدمون الصليب؟ ألا يقومون بكل أعمالهم باسم المسيح؟ ألا يؤمنون بأن المسيح يفرض عليهم قتل وسفك دم كل من ينحدر من أصول أفريقية؟ فهل يمكن لأي كان أن يطلق عل منظمة 'كو كلوكس كلان' مسمى منظمة مسيحية؟!
هناك العديد من الجماعات الأخرى التي يمكن الحديث عنها، وهناك مذابح ارتكبت من أجل إخراج غير المسيحيين من بعض الدول والمناطق، وهناك جماعات مثلها في اليهودية لا تربطها بالدين اليهودي أية صلة، وكذلك في الهندوسية.
في الدين الإسلامي هناك آيات قرآنية تنص على أنه 'لكم دينكم ولي دين'، فلك مطلق الحرية في ممارسة ديانتك ولي مطلق الحرية في ممارسة ديانتي، أي تسامح أعظم من هذا؟ وفي الدين الإسلامي نص: 'من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً، ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا'، أين سنجد أفضل من هذه الآية التي تصف الرحمة والرفق؟ فإذا نظرتم إلى أفعال 'داعش' وقلتم إنها من النصوص الدينية، أسألكم أليس في العهد القديم نص 'العين بالعين والسن بالسن'، فهل إذا أقدم أحدهم على مثل هذا العمل اليوم ستصفونه بأنه مسيحي أو يهودي؟ لذا أود أن أنوه للجميع بالحذر من انتهاج مثل هذه النظرة، لأن الأمر يبدو وكأنه أصبح حدثاً جديداً، ليس جديداً بل يبدو وأنه أصبح 'نكهة اليوم' بأن نحاول تفسير أفعال 'داعش' أو التعاليم الإسلامية من خلال استقراء ما ليس موجوداً. فالدين الإسلامي والحضارة الإسلامية هي حضارة حافظت على تاريخ الإغريق والرومان ونقلتها للغرب، وما كان للحضارة الغربية أن ترى الوجود لولا الحضارة العربية والإسلامية؛ فقد كانت الحضارة الإسلامية، والحضارة العربية الإسلامية حلقة الوصل بين الصين وأوروبا، وهي بذلك حضارة عالمية، وفي ذلك ما يدعم ما ذكرته آنفاً من كونها حضارة متوسطة، وهو ما أعنيه عندما أقول إذا كان الإسلام دينا غير متسامح وكانت 'داعش' تمثل الإسلام، فهل كان الإسلام سيحفظ مآثر أرسطو وآثاره وينقلها للغرب؟ هل كان سيقوم بربط حضارة الشرق بالغرب؟ طبعاً لا. لذا فإنني أحث الجميع على الحذر من إطلاق التعميمات أو قبولها، فهي تعميمات لا أساس لها، ولا حقيقة تقوم عليها.
2 هل تحب دونالد ترامب؟ -واشنطن 16 يوليو / مقابلة مع قناة الـCNN
عادل الجبير: هو يقدم منتجات رائعة والناس يستمتعون بها ويعيشون معها.
3 لماذا تأخرتم في تعيين وزير خارجية من خارج الأسرة المالكة رغم أن عمركم يتجاوز الـ300 عام؟ -لندن 7 سبتمبر / معهد تشاتام هاوس-
عادل الجبير: لا أعتقد أنه كان هناك منصب وزير خارجية قبل 300 عام في أي دولة في العالم.
4 اتهام إيران بكل هذه الأشياء في رأيي أمر غير ضروري وهو ليس من مصلحة البلدين. أعتقد أن القول إن للقاعدة علاقة بإيران يعد بمثابة دعابة. الجميع لا ينسى أن ابن لادن مواطن سعودي ولديه علاقات سياسية واقتصادية قوية في السعودية؟ -بروكسل 19 يوليو / معهد ايجمونت-
عادل الجبير: كل ما ذكرته لكم مبني على وقائع وحقائق، ألا ينص الدستور الإيراني على تصدير الثورة؟ ألا ينص الدستور على رعاية الشيعة أو المحرومين كما تسمونهم؟ ألم تقم إيران بتأسيس 'حزب الله'؟ ألم تهاجم إيران ما يزيد عن 12 سفارة داخل إيران منتهكة بذلك كل القوانين الدولية؟ فنحن لم نهاجمهم، بل إيران هي التي هاجمتهم.
ألم تكن إيران المدبّر والمخطط والمنفّذ لهجمات أبراج الخبر عام 1996م والتي أستهدفت سكن قوات مشاة البحرية الأمريكية؟ نعم، فعلوا ذلك. وكان ضابط مراقبة العملية هو اللواء 'الشريفي' الملحق العسكري الإيراني في البحرين، وكان صانع القنبلة من 'حزب الله'، وكان مصدر المتفجرات من 'وادي البقاع' اللبناني، كما أن القادة الثلاثة الأساسيين، فرّوا إلى إيران وهم يعيشون فيها منذ ذلك الوقت، ألا يعّد ذلك من إيواء الإرهابيين؟ وعندما تمكّنا من إلقاء القبض على أحدهم العام الماضي في لبنان، وجدناه يحمل جواز سفر إيرانيا وليس جواز سفر سعوديا على الرغم من كونه مواطن سعودي، ألا يّعد ما تقوم به إيران مساعدة وتحريضا للارهابيين؟ فلم نختلق أيا من هذه المعلومات. وعندما حصلت تفجيرات الرياض عام 2003م كان 'سيف العدل' مقيماً في إيران إلى جانب 'سعد بن لادن' المسؤول الإعلامي (propaganda) 'للقاعدة' وأربعة أو خمسة من كبار القادة في 'القاعدة'، وكانت إيران من قام بإيوائهم وتقديم الحماية لهم. وعندما طلبنا منها تسليمهم، رفضت طلبنا، وما يزال البعض منهم يعيش في إيران، فنحن لم نختلق شيئا من هذه المعلومات فهي حقائق معروفة، وكانت أوامر تفجير المجمعات السكنية الثلاثة في الرياض عام 2003م من 'سيف العدل' قائد عمليات 'القاعدة' والذي كان حينها مقيماً في إيران، ولدينا تسجيل المكالمات الهاتفية التي تمت، فنحن لم نختلق هذه المعلومات. كان 'رونالد ريجان' كثيراً ما يردد عبارة 'الحقائق أمور عنيدة'، فهي عنيدة لأنه لا يمكنك الالتفاف حولها، 'حزب الله' منظمة إرهابية، والهجمات على السفارات أمر واضح، فلا تحدث هذه التفجيرات لوحدها دون فعل فاعل، وكذلك قتل الدبلوماسيين، فلا يقدم الدبلوماسيون على الانتحار بإطلاق الرصاص على أنفسهم ثلاث مرات، بل يوجد شخص مسؤول عن ذلك!
كما ارتبط عملاء إيرانيون بالهجمات الإرهابية التي ضربت أوروبا وأمريكا الجنوبية، فلم نختلق هذه المعلومات، هذا هو العالم وهذه هي الأدلة، لذا أقول نعم، نتمنى ونأمل أن تكون إيران، هذه الأمة العظيمة جاراً عظيماً لنا، لكن تحقيق ذلك يتطلب مشاركة الطرفين، فهو أمر يتطلب وجود رغبة لدى إيران في التخلي عن سياساتها التوسعية والعدوانية والعودة للأعراف والسلوكيات الدولية، إذا ما أرادت أن يتعامل العالم معها، ونحن نمد لكم أيدينا، ولقد مددناها لكم على مدى 35 عاماً، ولكن كان الجزاء الذي حصلنا عليه في المقابل هو قتل الدبلوماسيين، وتفجير السفارات، والإرهاب، حيث تمكّنا من إلقاء القبض على عملاء إيرانيين في المملكة العربية السعودية يخططون لتنفيذ هجمات إرهابية، وتمكنّا من وقف أربع شحنات أسلحة حاولت إيران تهريبها 'للحوثيين' في اليمن، ولدينا متفجرات حاولت إيران تهريبها للمملكة العربية السعودية والبحرين والكويت، جميع ما ذكرت ليس من نسج الخيال وليس لعب أطفال، بل هي سلوكيات عدوانية وهي سلوكيات غير مقبولة، إنها سلوكيات تنتهك جميع الأعراف والسلوكيات والقوانين الدولية، ولهذا السبب وُسمت إيران بأنها دولة راعية للإرهاب، ولهذا السبب تتم معاقبتها لدعمها الإرهاب، ليس من قبلنا نحن، بل من قبل المجتمع الدولي. فهل يعقل أن يكون العالم بأسره على خطأ وإيران على حق؟ هل يعقل أن يكون القانون الدولي الذي ينص على العلاقات السلمية وعدم التدخل في شؤون الآخرين على خطأ، في حين أن منهجية إيران العداونية لتحقيق أهدافها بصرف النظر عن الوسيلة التي تتبعها في ذلك على حق؟ لا أعتقد ذلك. لذلك إذا ما أردت من مسؤول سعودي ألا ينتقد إيران، فعليكم الامتناع عن التصرفات التي تعرضكم للانتقاد، فتاريخكم إلى الآن حافل بالدمار والموت، وعدم الاحترام للقانون الدولي أو المبادئ التي وُجدت منذ ظهور الأمم، وهي مبدأ حسن الجوار والامتناع عن التدخل في شؤون الآخرين.