الامتداد العمراني باتجاه شمال مكة اتساق مع الطبيعة نحو "الأعلى"؟
لفتت انتباهي في شوارع ماليزيا وحدائقها نبتة يزرعونها على الأرصفة تُسمى «بوتس» تُباع في السعودية كنبتة داخلية متدلية أو متسلقة، وما تعجبت منه هو حالها عندما تكون في حالة التسلّق .. فبمجرد توجيه فروعها نحو «الأعلى» تنبت أوراقها بشكل أكبر وأسرع ويزداد نموها بشكل مطرد حتى تصبح بحجم أُذن فيل صغير، وبالعكس كلما نزل الغصن مُتدلياً للأسفل صغُرت الورقة أصغر فأصغر حتى تصبح بحجم أُذن طفل صغير!
الاحد / 28 / شوال / 1435 هـ - 19:45 - الاحد 24 أغسطس 2014 19:45
لفتت انتباهي في شوارع ماليزيا وحدائقها نبتة يزرعونها على الأرصفة تُسمى «بوتس» تُباع في السعودية كنبتة داخلية متدلية أو متسلقة، وما تعجبت منه هو حالها عندما تكون في حالة التسلّق .. فبمجرد توجيه فروعها نحو «الأعلى» تنبت أوراقها بشكل أكبر وأسرع ويزداد نموها بشكل مطرد حتى تصبح بحجم أُذن فيل صغير، وبالعكس كلما نزل الغصن مُتدلياً للأسفل صغُرت الورقة أصغر فأصغر حتى تصبح بحجم أُذن طفل صغير! ونلاحظ أن أغلب الأديان تتفق على رفع الأيدي بالدعاء للسماء «نحو الأعلى» ليطلب الناس من «الرزاق» زيادة الخير، بينما يُجبر الطُغاة الناس على الركوع والانحناء لهم باتجاه «الأسفل» وبتذلل ليجعلوهم «أصغر» في أعين أنفسهم ومن حولهم. كما أن الطبيعي اليوم رؤية الفرحة بأعين المساهمين في البورصة عند توجه مؤشر الأسهم «نحو الأعلى» لتتحقق لهم المكاسب، بينما ينتابهم القلق عندما ينخفض المؤشر نحو «الأسفل» حيث النقصان والخسارة المؤدية للكوارث الاقتصادية!! وفي مجال تخطيط المدن نلاحظ غالبية المُدن تتوسع وتكبُر تلقائياً باتجاه الشمال «نحو الأعلى»، وقد تواجه المخططين صعوبات «طبيعية» تمنعهم من التوسع العمراني باتجاه الجنوب أي «نحو الأسفل». هذا المفهوم «الطبيعي» الكوني في رغبة «الأشياء» بالتوجه للأعلى، تجعلنا نتقبل سرعة الامتداد العمراني الكبير في مكة باتجاه «أعلاها» شمالا أي نحو منطقة «حي العمرة» ووصولا لمخططات «النوارية» التي هي خارج حدود الحرم. وسنتفهم -أيضاً- أسباب تأخر التمدد العمراني كثيراً نحو الاتجاهات الجغرافية الأخرى - داخل حدود الحرم - رغم توفر عوامل الجذب الاقتصادي باتجاه الغرب مثلاً في جدة، أو السياحي باتجاه الشرق في الطائف! كثيرة هي الدلائل في حياتنا التي تشير بأصبعها للسماء، فالشجر والبشر والجبال، كلها تتجه برأسها للأعلى وللسماء، ولا أظننا سنجد مخلوقاً يتجه برأسه وجسده للأسفل (معنويا أو حسيا) إلا وهو صغير ومحتقر في أعين الناس! والعاقل هو من يستفيد من هذه المؤشرات حتى يؤمن بأن رب العباد عز وجل هو «الأعلى»، وهي نفسها التي تؤكد لأهل الحكمة الراغبين بالزيادة والتوسع في الخير أن أقصر طريق لتحقيق الطموح هو «علو» الهمة والعزيمة، ولا يتحقق ذلك إلا بالتعالي عن الصغائر والاستغناء عما في أيدي الناس.