التمثيل الصامت.. فن ولدته مصر الفرعونية ووأدته مصر الحديثة

"البانتوميم" أو "التمثيل الصامت" نوع من الأداء يعتمد على الحس الجمالي والبصري والإيقاع الزمني، فضلا عن الإيماءة والحركة، يقوم به ممثل واحد أو أكثر لتمثيل مسرحية

u0623u062du0645u062f u0646u0628u064au0644

'البانتوميم' أو 'التمثيل الصامت' نوع من الأداء يعتمد على الحس الجمالي والبصري والإيقاع الزمني، فضلا عن الإيماءة والحركة، يقوم به ممثل واحد أو أكثر لتمثيل مسرحية كاملة على ألا ينطق الممثل بحرف واحد طوال العرض، وبحيث يكون الجسد هو المحرك الأساسي في تكوين الصورة الجمالية في العرض المسرحي، ويسمح باستخدام المؤثرات الصوتية والبصرية، وتتنوع عروضه ما بين الكوميديا والتراجيديا تماما كما هو الحال في المسرح الناطق. يقول الفنان أحمد نبيل أحد رواد فن البانتوميم في مصر والعالم العربي، إن «مصر الفرعونية هي أول من عرفت فن البانتوميم في التاريخ الإنساني، والمقابر الفرعونية في إدفو (جنوب مصر) والمنيا (وسط) خير دليل على ذلك إذ رسم الفراعنة على جدرانها الكثير من الرسومات التي تدل على هذا الفن، والتي ما زالت باقية لتشهد على الثقافة الفنية لمصر الفرعونية. وأوضح نبيل أن الماسك (القناع) الذي يرتديه فنانو البانتوميم اليوم استنساخ من ذلك الذي كان يضعه قدماء المصريين على وجوه تماثيلهم في معابدهم، وحينما نشأ هذا الفن كان عبارة عن مجموعة من الرسومات المتعاقبة على الحائط بشكل يجعلها تبدو وكأنها تروي لمن يتأملها حكاية ما أو تترجم له فكرة ما. واستدرك نبيل قائلا «مع مرور الزمن عرفت البشرية المسرح بصورته الحديثة فتطور فن البانتوميم ليصبح عبارة عن عروض مسرحية صامتة ترتبط بالمسرح كمكان أوحد لها بعدما كان يؤديه الفنان المصري القديم على جدار أي مبنى أثري، «. وأعرب الفنان القدير عن ضيقه الشديد من عدم انتشار هذا الفن في مصر بشكل يليق به رغم أن مصر هي الموطن الأصلي له، مشددا على أن «هذا الفن منتشر بشكل واسع للغاية في كل دول أوروبا التي تولي دارسيه اهتماما كبيرا وتعلمهم الكثير عن علوم الفلسفة والاجتماع وتشريح العضلات ورياضة اليوجا، وهو الأمر الذي لم يصل لمصر بعد حتى الآن». ووافق نبيل في رأيه ممثل البانتوميم محمد شيتوس قائلا «لا يوجد في مصر متدربون متخصصون لتعليم هذا النوع من الفنون بشكل محترف، حتى معهد المسرح يقدم لطلابه نبذة مختصرة جدا عنه ولا يسمح للموهوبين من خارج المعهد بدراسته». ومضى قائلا «تعرفت على هذا الفن من خلال صديق لي درسه بالخارج، فبدأت رحلة التعمق في فن البانتوميم من خلال مواقع الإنترنت حتى أصبحت ممثلا يقدم الكثير من العروض المسرحية الصامتة في مختلف محافظات مصر». ولفت الممثل الشاب إلى أن «كبار السن في قرى مصر الريفية يعرفون هذا الفن جيدا ويتفاعلون مع عروضه، أما الشباب فيقبلون على العروض من قبيل التعرف على هذا الفن الغامض بالنسبة لهم». أما رغدة رأفت، مؤسسة فرقة «رغد»، التي احترفت مهنة التمثيل الصامت منذ أربع سنوات، فتقول «فرقتي معنية كثيرا بتقديم عروض مسرحية صامتة تناقش أهم القضايا فالعرض الذي تقدمه الفرقة الآن يحمل اسم «يوم في حياة أنثى» يحكي قصة فتاة مصرية بسيطة تستيقظ من نومها لترتدي ملابسها وفقا لأحدث الصيحات فتتعرض لمضايقات في وسيلة المواصلات التي تستقلها ما يدفعها للتفكير في تبديل ملابسها الضيقة بملابس فضفاضة تجنبا لهذه المضايقات. ولكن المفاجأة أن هذه الملابس الفضفاضة لم تكف عنها المضايقات بل تطور الأمر لحد تعرضها لحادث تحرش جماعي فقدت على إثره توازنها النفسي، ليقدم العرض رسالة صامتة للفتاة المصرية مفادها أنك لا تتعرضين للتحرش لعيب ما كامن في سلوكك أو ملبسك، بل لعيوب وأمراض استوطنت في هذا المجتمع وآن استئصالها ومواجهتها. وكانت ساقية الصاوي بوسط القاهرة، قد شهدت هذا الأسبوع اختتام الدورة العاشرة من فعاليات مهرجان التمثيل الصامت.