محاولات لتصحيح المفاهيم المغلوطة

هذه الزاوية كما قلت سابقاً، وتحت مسمى السوق، هي موقع لتبادل المنافع وتعميق المنابع، وحيث إنني أعلم يقيناً أن لكل شيء مُحبا وكارها، فقد رأيتُ أن يكون لي نافذتان أو موقعان

هذه الزاوية كما قلت سابقاً، وتحت مسمى السوق، هي موقع لتبادل المنافع وتعميق المنابع، وحيث إنني أعلم يقيناً أن لكل شيء مُحبا وكارها، فقد رأيتُ أن يكون لي نافذتان أو موقعان الأول: لمريدي التواصل الإيجابي، الراغبين في تبادل الأفكار والآراء بكل ما يعود على «السوق» بالمنفعة والخير، تحت مسمى «شاركني حسناتي» والثاني لقاصدي الانتقاد الشخصي، والذي عادةً ما يكون هجوماً شخصياً، لا يضرني ولا يفيد القارئ العزيز، وسيكون تحت مسمى «خذ من سيئاتي» وصدقوني سأعير كل موقع ما يستحق من اهتمام، فقد لفت نظري هجوم أحدهم عليَّ والذي جاء مبشراً بأن صحيفة «مكة» ستكون صحيفة صوفية، أو ليبرالية، أو علمانية الخ، وذلك نظراً لوجودي على رأس مجلس إدارتها الموقر ورأيت أن من واجبي، أن أحاول تصحيح بعض المفاهيم المغلوطة عن بعض التعاريف والمصطلحات التي راح البعضُ يستخدمها في تصنيف الناس بغرض الهجوم عليهم ونعتهم بمسميات قد لا يعلمُ أنها أشياء قد تكون حميدة أو مستحبة إذا ما وضعت في قالبها الصحيح، وذكرت في سياقها الإيجابي إن استخدام كثير من المصطلحات بغرض الهجوم والنقد الهادم يسيء أحياناً إلى مفاهيم كريمة في الغاية، نبيلة في الهدف فالتصوف ككلمة - على سبيل المثال - لم تكن معروفة في عهد النبي، صلى الله عليه وسلم، وإنما عرفت في زمن التابعين لما ورد عن الحسن البصري أنه قال:«رأيت صوفياً في الطواف فأعطيتُه شيئاً فلم يأخذه»، وقال بعضهم مشتقٌ من الصوف، وهذا القول مال إليه ابن تيمية وابن خلدون - رحمهما الله، لأن القوم كانوا يلبسون الصوف كثيراً، بُعداً عن الرفاهية ولا يوجد هناك تعريفٌ للتصوف جامعٌ مانعٌ يعطي فكرة عن التصوف وقيل إن تعاريف التصوف بلغت ألفي تعريف وكذلك فقد اختلفوا في تعريف التصوف اصطلاحا، ويظهر من بين هذه الاختلافات، أن التصوف ظهر بعد الإسلام في شكل زهد ورغبة في الدار الآخرة وكبح جماح النفس في حب الدنيا مهما أمكن ويقول ابن خلدون في مقدمته: «إن نشأة التصوف كانت في القرن الثاني الهجري، عندما أقبل الناس على الدنيا، وانصرف أُناسٌ للزهد والعبادة فسموا بالصوفية» وأيد شيخ الإسلام هذا الرأي فقال: إن نشأة الصوفية كانت في أوائل القرن الثاني الهجري وإنها لم تشتهر إلا بعد القرن الثالث الهجري وأقسام الصوفية عند الإمام ابن تيمية، يرحمه الله:-1 صوفية الحقائق: وهم عنده، من تفرغ للعبادة والزهد في الدنيا -2 صوفية الأرزاق: وهم الذين وُقفتْ عليهم الوقوف ولهم شروط:- العدالة الشرعية، حيث يؤدون الفرائض ويجتنبون المحارم - التأدب بآداب أهل الطريق وهي الآداب الشرعية في غالب الأوقات وأما الآداب البدعية الوضعية فلا يلتفت إليها - ألا يكون أحدُهم متمسكاً بفضول الدنيا وأما من كان جمَّاعاً للمال أو كان غير متعلق بالأخلاق المحمودة أو غير متأدب أو كان فاسقاً فإنه لا يستحق ذلك هذه حقيقة النشأة وحقيقةُ الغاية والتي يمكن أن أوجزها بفهمي المتواضع أن غايتها الإحسان، والإحسان أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك أما ما استجد من خلط في الممارسة أو استغلالٍ قصدت به مصالح شخصية أو دنيوية، فهذا أمر آخر، شأنه شأن كل انحراف عن الهدف الصحيح، وهو ما نعوذ بالله منه ونسأله أن يجنبنا عواقبه لذا أردت أن أقول لمن بشر بصوفية صحيفة «مكة»: أرجو أن تكون قد قصدت بهذا الأصل وليس ما تفرع عنه من زيغٍ وانحراف وسأحرص، بحول الله، في لقاءات قادمة، كلما سنحت الفرصة، أن ألقي بعض الضوء على بعض المصطلحات التي أُسيء فهمُها أساساً واتخذها البعض في القذف منهجاً ونبراساً وفقنا الله لما يحب ويرضى، إنه وليّ ذلك وهو على كل شيء قدير