معرفة

2016 عام السينما السعودية

لأول مرة في تاريخ السينما السعودية تحقق أفلامها إنجازات عالمية. فقبل عامين كان فيلم وجدة هو الوحيد في الساحة تقريبا من بين الأفلام الطويلة والقصيرة الذي نال نجاحا عالميا، ولكن هذا العام تبدوالسينما السعودية مختلفة ومتميزة حتى عن بقية الفنون الأخرى مثل فنون المسرح والأعمال التلفزيونية، ولكن نجد أن السينما هذا العام تحقق نجاحات كبيرة على تواضع الدعم المقدم لها مقارنة بغيرها من ألوان الفنون. البدايات بدأت السينما السعودية بشكل خجول في السبعينات والثمانينات، وتوقفت حتى عادت في بداية الألفية مع أفلام هيفاء المنصور، محمد بازيد، عبدالله آل عياف وغيرهم، من خلال حركة شبابية ملحوظة ليس فقط في إنتاج الأفلام السعودية، بل بالدخول في الكتابة السينمائية في الصحف السعودية، والمشاركة وتغطية المهرجانات الدولية، والمساهمة في إنشاء أول مسابقة أفلام في السعودية مثل مبادرة أحمد الملا في الشرقية، وممدوح سالم في جدة. التطور والاستمرار تطورت الحركة السينمائية في السعودية لدرجة إنشاء مواقع متخصصة في مراجعات الأفلام العالمية مثل موقع سينماك لمؤسسه الراحل هاني الصقر رحمه الله والذي كان السبب الرئيس في تجمع عدد كبير من الشباب السعودي والشابات في موقع تخرج من خلاله العديد من المخرجين والكتاب والنقاد في المجال السينمائي، وكان أحد الأسباب الرئيسة في بناء ثقافة سينمائية وزيادة الشغف لأعضائه، لدرجة جعل بعضهم يلتحق ببرنامج الابتعاث لدراسة السينما. تخرج من الموقع العديد من الكتاب المبدعين المخرجين المتميزين مثل محمد الظاهري الذي نال أول جائزة فيبريسكي لفيلم سعودي مع خلال عمله «شروق غروب»، كذلك كان من ضمن رواد الموقع الناقد السينمائي السعودي رجا المطيري مع طارق الخواجي وحسام الحلوة وغيرهم الكثير، والذين أسسوا صفحات سينمائية لأول مرة في صحف سعودية مثل الرياض، والشرق الأوسط وغيرهما. ولم تتوقف الكتابة عن السينما عند الشباب السعودي، فقد تواجدت المرأة السعودية من خلال ناقدات وكاتبات متميزات مثل هناء العمير التي شاركت في الكتابة السينمائية في صحيفتي الوطن والرياض، مع الكاتبة سمر المقرن التي تبنت لأول مرة كتابا سينمائيين في صحيفة الوطن، وغيرها من المبادرات النسائية السعودية الخاصة بالصحافة، مع الإنجازات الكبيرة التي حققتها المخرجة السعودية في السنوات الأخيرة مثل حصول هيفاء المنصور على جوائز عالمية عدة، كذلك تحقيق المخرجة هند الفهاد إنجازات عدة عن فيلمها «بسطة»، مع فيلم «احتجاز» للمخرجة السعودية هاجر النعيم. وتتطرق السينما السعودية للعديد من المواضيع المهمة والحساسة، بل لمواضيع على المستوى الدولي مثل فيلم المخرج محمد السلطان «ملجأ» والذي يقدم موضوعا مهما على المستوى الإنساني متعلقا بقضية اللاجئين السوريين. ويستعرض الفيلم قصة لاجئة سورية تقرر الاختباء في منزل لتفاجأ بتواجد صاحب المنزل لنعيش قصة صدام الحضارات من خلال دقائق متميزة قدمها كفيلم سعودي. تفوقات 2016 في هذا العام كانت النجاحات تفوق التوقعات، حيث سجلت الأفلام السعودية أرقاما قياسية في القبول في المهرجانات، حيث شارك أكثر من 100 فيلم سعودي في مهرجانات دولية وإقليمية ومحلية. نجاحات السينما السعودية كانت مع فيلم بركة يقابل بركة والذي رشحه موقع «awardsdaily» المتخصص بالأوسكار بالتواجد في قائمة الأوسكار النهائية. بالإضافة لتواجد الفيلم في أكثر من 20 محفلا عالميا من مهرجانات ومناسبات دولية، الفيلم يحكي لقاء شاب بفتاة مع العديد من المواقف المحرجة والمضحكة في كثير من لحظات الفيلم. وهو من إخراج السعودي محمود صباغ والذي فاجأ الجميع بتجربته الأولى الناجحة على المستوى الدولي، وينتظر أن يحقق الفيلم العديد من الجوائز الأخرى، كمثل تلك التي حققها في مهرجان برلين، مع مهرجان «الفيلم العربي في روتردام»، ومشاركته في مهرجان تورنتو الدولي، مع نفاذ التذاكر لعروضه الخاصة في كندا، كذلك الطلب المتزايد على الفيلم في أوروبا وآسيا، ويحسب للفيلم أنه أكثر فيلم في تاريخ السينما السعودية يحقق أرباحا على مستوى عروضه الدولية. وسبق للفيلم أن شارك في مهرجانات عربية أيضا بما فيها مهرجان القاهرة الدولي مع مهرجان الفيلم العربي بألمانيا مع مسابقة آفاق السينما العربية وغيرها من الفعاليات. التوهج وتستمر السينما السعودية في توهجها هذا العام مع فيلم المخرجة السعودية هناء صالح الفاسي «السحور الأخير» والذي اختير مؤخرا للمشاركة في مهرجان بغداد الدولي، مع مهرجان السينما العربية في ألمانيا، ومهرجانات عدة أخرى في الولايات المتحدة وحول العالم. يستعرض الفيلم بشكل ظريف قصة فتيات عربيات يتناولن وجبة السحور مع سيدات أجنبيات من الولايات المتحدة، وندخل في تناقضات وحوارات تتعلق باختلاف والتقاء الثقافات بشكل جذاب وممتع. «البجعة العربية» فيلم سعودي اختير مؤخرا للمشاركة في مهرجان دبي السينمائي الدولي، وتحكي قصة الفيلم فتاة سعودية تدرس في الولايات المتحدة ولديها حلم الالتحاق بفرقة الباليه لكن والدها يهددها بإجبارها على إيقاف دراستها. كذلك إنجارات كبيرة حققها فيلم المخرج الصاعد محمد سلمان وفيلمه المتميز أصفر مع أفلام أخرى قصيرة نفذها المخرج بشكل جذب الفيلم للعديد من المهرجانات الدولية حول العالم. ومن المشاركات العديدة للأفلام السعودية لا ننسى الإنجازات المتواصلة في مجال الفيلم الوثائقي، حيث يبدع فيصل العتيبي كثيرا في هذا المجال من خلال فيلمه المتاهة الذي حقق جوائز عدة آخرها كان في مهرجان الخليج السينمائي، والذي أقيم في مدينة أبوظبي قبل أيام. وتتواصل إنجازات السينما السعودية على المستوى اللوجستي والمهرجاني هذا العام مع إقامة مهرجان أفلام السعودية في الدمام، كذلك ولأول مرة تقيم مدينة الرياض مسابقة خاصة للأفلام السعودية، مع مبادرات عدة من جهات مختلفة سواء حكومية أو أهلية مثل الدورات السينمائية التي تقيمها مؤسسة محمد بن سلمان بن عبدالعزيز «مسك الخيرية»، كذلك العديد من الجامعات السعودية بدأت في تخصيص أقسام للفيلم ودراسة السينما من أجل تأهيل جيل متميز في صناعة الصورة السينمائية. كذلك في مبادرة مهمة أنتجت جمعية الدمام للثقافة والفنون 11 فيلما سعوديا ستعرض في الثالث من نوفمبر في استوديوهات بارامونت في لوس أنجلوس في الولايات المتحدة. كذلك كانت سنة 2016 منتعشة بالأفلام السعودية والإنتاج السينمائي السعودي من خلال العديد من المبادرات مثل الندوات التي أقيمت على هامش معرض الرياض للكتاب، والتي تحدث فيها الكثير من النقاد والمخرجين حول مواضيع سينمائية مثل الناقد والكاتب فهد الأسطاء وغيرهم. سنة التميز هي سنة متميزة ليس على مستوى الكم والكيف في الإنتاج فحسب، إنما في زيادة الوعي لدى المجتمع السعودي بأهمية الثقافة السينمائية، مبادرات عدة تقدمها جهات حكومية وأهلية للنهوض بالصناعة السينمائية، وقيام الأندية الأدبية وجمعيات الثقافة والفنون بدورات، ومسابقات وعروض خاصة بالأفلام، حتى وزارة الثقافة والإعلام كان لها نصيب واضح لدعم السينما السعودية من خلال تخصيص العديد من البرامج لعرض أفلام سعودية، وأيضا دعم الشباب السعودي من خلال تسليط الضوء على أفلامهم. ما زالت السينما السعودية في نشأتها، وهي لا تزال ضعيفة مقارنة بالسينما المجاورة مثل التركية والإيرانية، ولكن الإنجازات التي تحققت هذا العام تجعلنا على ثقة بأن صناعة السينما السعودية في الطريق الصحيح بشرط استمرار دعمنا الحراك السينمائي الإنتاجي، وزيادة الشغف لدى المؤسسات الحكومية والأهلية، والأهم تخصيص جميع الجامعات وليس بعضها لأقسام فيلم وسينما نظرا لأهمية الصورة في تقديم وجه مشرف يستحقه الوطن. من إنجازات العام شارك أكثر من 100 فيلم سعودي في مهرجانات دولية وإقليمية ومحلية. أعمال ناجحة: 1 فيلم بركة يقابل بركة من إخراج السعودي محمود صباغ 2 فيلم «السحور الأخير» المخرجة هناء الفاسي 3 فيلم «البجعة العربية» للمخرج فهد الشريف - فيلم أصفر للمخرج محمد سلمان 4 فيلم المتاهة للمخرج فيصل العتيبي عوامل النجاح: 1 إقامة مهرجان أفلام السعودية في الدمام 2 مهرجان خاص للأفلام السعودية بالرياض 3 الدورات السينمائية لمؤسسة »مسك الخيرية« 4 خصصت الجامعات السعودية أقساما لدراسة السينما 5 أنتجت جمعية الدمام للثقافة والفنون 11 فيلما سعوديا 6 الندوات التي أنجزت على هامش معرض الرياض الدولي للكتاب 7 خصصت وزارة الثقافة والإعلام العديد من البرامج لعرض أفلام سعودية