هل تتأثر طبائع الشعوب باختلاف غذائها؟

ضرب لنا المثل ‏سيدي النبي عليه وآله الصلاة والسلام موضحا الفرق بين طبائع «أهل اﻹبل» المائلين للفخر والكبر و»أهل الغنم» المتواضعين

ضرب لنا المثل ‏سيدي النبي عليه وآله الصلاة والسلام موضحا الفرق بين طبائع «أهل اﻹبل» المائلين للفخر والكبر و»أهل الغنم» المتواضعين المتميزين بالسكينة والوقار، فقال في الحديث الصحيح: (الفخر والخيلاء في أهل اﻹبل، والسكينة والوقار في أهل الغنم) وأشار ربنا عز وجل في كتابه المبين للعلاقة «التماثلية» بين «اﻷمم البشرية» و»اﻷمم الحيوانية» فقال سبحانه وتعالى: (وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ «أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ»..) وأهل «البصيرة» من علماء السلف مثل «ابن القيم» استعانوا بهذه النصوص وغيرها لمعرفة الترابط بين الشعوب وما يقابلها من أمم أخرى كالحيوان والنبات باستشعار و»فراسة» عالية ليستفيدوا منها لمعرفة طبائع الشعوب واﻷفراد.. والمتدبر لآيات الله الكونية يجد تشابها بين أمة «اﻹبل» بطبائعها المعروفة كالغيرة الشديدة والقدرة العالية على الصبر واحتمال المشاق والانتقام ممن آذاها والفخر والخيلاء، وطبائع الشعوب المشتهرة باقتناء «اﻹبل» والمتغذية عليها!! كما نجد أيضا التشابه واضحا بين طبائع أمم «الغنم» المعروفة عنها البساطة والتسامح والسكينة والقدرة على العمل والانخراط «الجماعي» وبين الشعوب المقتنية لها والمتغذية عليها!! وبالاستفادة من هذه المنهجية ‏فإن أغلب الشعوب التي تقتني «الخنزير» وتتغذى عليه تتطبع بصفاته المعروفة عنه كالحرص الزائد والتبكير للرزق، إضافة لبرودة المشاعر وضعف الغيرة.. والجرأة على كل مستقبح يظنونه مفيد، وﻷن طبيعة جسد «الخنزير» ﻻ تسمح له برفع رأسه ﻷعلى، فإن الشعوب المتعاملة معه والمتغذية عليه تكون غالبا بعيدة عن اﻹيمان بالخالق الذي في السماء.. وفي عالم البحار نجد «‏الجمبري» يسميه البعض «خنزير البحر» لتوافق أسلوبه الغذائي مع «خنزير البر»، كونهما يتغذيان على كل شيء يقابلهما حتى القاذورات.. ولذلك نجد الشعوب «المكثرة منه» تتغذى بشهية من كل شيء حتى على الحشرات والزواحف!! أما ‏الشعوب المعتمدة في تغذيتها على «الدواجن» فغالبا تكون سهلة الانقياد لمن يحكمها، وحكامها قادرون على تطويعها وتوجيهها كما يشاؤون! كما أن حديث الشعوب «المدجنة» يكون كثيرا عن إنجازاتهم القليلة.. أما ذكورهم فيكونوا هجوميين ويصعب عليهم الاكتفاء بأنثى واحدة! ومن الطريف التصور بأن شعوب «الربيع العربي» لم تتغذ جيدا على الدواجن، ولو أنها حصلت عليها بأسعار زهيدة لكانوا -في ظني- أكثر طواعية.. لكنهم خرجوا للأسف بعدما فقدوا كل شيء.. فحتى الدواجن لم يجدوها! الهجومية والعدوانية تكون من طبائع المكثرين من البروتينات الحيوانية الحمراء، والتقليل منها يجعل المشاكسات والعدوانية أقل!! ‏في المقابل نجد أهل الوجبات «السريعة» و»الجاهزة» متطبعين بالتعجل في شؤونهم، و»سرعة» الملل تدفعهم لحكاية «الطفش» الدائم.. لكن أخطر طبائعهم هي «الكروتة» في اﻹنجاز، بمعنى عدم اﻹتقان ﻷي شيء!! أمم «النباتات» أيضا تضفي طبائعها على الشعوب المشتهرة بزراعتها والمتغذية عليها.. ف‏الشعوب المتغذية على النبات وحده كالهند، تكون طبيعة أفرادهم المسالمة ويكونوا أقل عدائية من الشعوب المعتمدة في تغذيتها على لحوم الحيوانات.. ومع ذلك فالغذاء النباتي يكون تأثيره على متناوليه مختلفا حسب طبيعة نفس النبات أو ثمرته.. فالثمار التي تنمو في الظل كالباذنجان والطماطم، أو التي تنمو تحت اﻷرض كالجذريات.. يورث اﻹكثار منها صاحبها طبع الكسل وحب الانزواء.. !! في المقابل فإن ‏اﻹكثار من البهارات (الحارة واللاذعة) تورث أهلها «الفاعلية اﻹيجابية» بلا هجومية زائدة، ونجد الشعوب المكثرة منها ومن «النباتات العطرية» تحافظ على التقاليد، خاصة ذات العلاقة بالسمعة الطيبة والذكر الحسن!! الغريب والطريف في هذا المجال أننا نلاحظ تغير طبيعة الشعب عندما تتغير الثمار التي ينتجها.. فنباهة اليمنيين -مثلا- التي اشتهروا بها في عهود تميزهم بزراعة «البن» تحولت إلى خمول وكسل بعد تحولهم ﻹنتاج نبتة «القات»!! إذا المعرفة في هذا المجال ليست للرفاهية الفكرية فقط كما يعتقد البعض، بل - حسبما أظن - فإن فوائدها المعرفية ستعطي «قيمة مضافة» للقادة السياسيين والمربين وكل مختص في العلوم الاجتماعية في دراساتهم وتساعدهم عند اتخاذهم القرارات حتى تكون صائبة!