نعم لإلغاء نظام الكفالة.. ولكن!
من بين أكثر قرارات وزارة العمل وإصلاحاتها المتوالية جرأة وخطورة ذلك القرار الذي تعتزم تطبيقه قريبا، والذي ينص على السماح بنقل خدمات العمالة الوافدة بين منشآت قطاعي الأخضر والممتاز وفق برنامج نطاقات بدون موافقة صاحب العمل.
الثلاثاء / 16 / شوال / 1435 هـ - 19:30 - الثلاثاء 12 أغسطس 2014 19:30
من بين أكثر قرارات وزارة العمل وإصلاحاتها المتوالية جرأة وخطورة ذلك القرار الذي تعتزم تطبيقه قريبا، والذي ينص على السماح بنقل خدمات العمالة الوافدة بين منشآت قطاعي الأخضر والممتاز وفق برنامج نطاقات بدون موافقة صاحب العمل. ويبدو للمحللين أن هذا القرار يمثل الخطوة الأولى في طريق إلغاء نظام الكفالة الذي لطالما واجهت المملكة انتقادات من هيئات ومنظمات دولية لإلغائه وفرض حرية العمل للعامل الوافد أسوة بالمواطن. ومن الطبيعي أن يجد هذا التوجه مقاومة شرسة من قطاع الأعمال، ولهذا ما يبرره بحسب مجلس الغرف الذي أشار في بيان نشر أمس إلى أن تطبيق هذا القرار سيؤدي لزيادة أجور العمالة الوافدة ولمزيد من التسرب الوظيفي، ويساعد أيضا على تسريب أسرار العمل بين المنشآت الخاصة. وبرأيي فإن المضي في تطبيق هذا التشريع مستقبلا يعد أمرا لا مناص منه ويواكب أسواق العمل الأخرى، وخاصة المحيطة بنا، بما يضمن حرية التنقل وفق ضوابط تضمن مصالح صاحب العمل والعامل نفسه واستيفاءهما حقوقهما وتغليب مصالح جمعية تتعلق بتحقيق متطلبات السوق الخليجية المشتركة، وصولا للوحدة الإقتصادية الكاملة، ولكنه في الوقت نفسه قد يفرض واقعا جديدا في سوق العمل بالمملكة يتضمن، وبلاشك، ارتفاع تكلفة العمالة الماهرة والمرغوبة وزيادة مميزاتهم، كما أنه قد يفرض انتعاشا جديدا لكيانات التستر، إذ عادة ما يبحث العامل الأجنبي عن العمل لصالحه. ويستنتج المطلع على هذا التوجه أن عقد العمل سيكون الإطار الملزم بين العامل الوافد وصاحب العمل، وليس نظام الكفالة، كما هو الحال الآن، وهو ما يعني أن انتهاء عقد العمل لن يخول صاحب العمل بتجديد العقد تلقائيا ولا يمنحه الحق أيضا لإنهاء الإقامة وإعادة العامل إلى بلده رغما عنه، بل سيجد نفسه أمام خيار التنازل عن العامل مرغما في حال عدم الوصول إلى تسوية لعلاقة عمل جديدة، وبذلك يكون عقد العمل هو أساس العلاقة بين الوافد والمنشأة وما يترتب على ذلك من تشريعات ونظم تطبق على العاملين المحليين أنفسهم. نعم هو قرار جريء، وبرأيي فإن تطبيقه يحتاج مزيدا من الوقت لدرسه والتحقق من مواءمته لسوق العمل السعودي، وخاصة أن المرحلة الحالية تشهد إصلاحات جذرية في بنيته وتحتاج لوقت إضافي ليستوعب أصحاب الأعمال والسوق في المجمل حصيلتها وتداعياتها قبيل الانتقال إلى هذه الخطوة التاريخية!