معالي وزير الصحة الكيميائي
في التاريخ العلمي العربي، كان جابر بن حيان أيقونة الكيمياء العربية، وقبل عصره كانت الأسطورة عن الكيميائيين أنهم أصحاب صنعة من شأنها أن تحيل التراب إلى ذهب، ولكن يعزى لابن حيان تطوير علم الخيمياء أو ترجمتها من جذورها المصرية واللاتينية القديمة (علم الصنعة)، فانتقل فهم الكيمياء للعالم نقلا عن العرب بأنه ليس صنعة الذهب الخرافية ولكنه علم التجريب، ومن ثم كان العلم عند جابر بن حيان يسبق العلم ونقل عنه قوله: “إن كل صنعة لا بد لها من سبوق العلم في طلبها للعمل”.
الاحد / 22 / صفر / 1436 هـ - 19:45 - الاحد 14 ديسمبر 2014 19:45
في التاريخ العلمي العربي، كان جابر بن حيان أيقونة الكيمياء العربية، وقبل عصره كانت الأسطورة عن الكيميائيين أنهم أصحاب صنعة من شأنها أن تحيل التراب إلى ذهب، ولكن يعزى لابن حيان تطوير علم الخيمياء أو ترجمتها من جذورها المصرية واللاتينية القديمة (علم الصنعة)، فانتقل فهم الكيمياء للعالم نقلا عن العرب بأنه ليس صنعة الذهب الخرافية ولكنه علم التجريب، ومن ثم كان العلم عند جابر بن حيان يسبق العلم ونقل عنه قوله: “إن كل صنعة لا بد لها من سبوق العلم في طلبها للعمل”. ولعل معالي وزير الصحة الجديد الدكتور محمد آل هيازع هو أول أكاديمي كيميائي يتبوأ منصب وزارة الصحة في السعودية، أصنفه بالكيميائي تمييزا له عن سابقيه من الوزراء لاشتراكهم بالوصف الأكاديمي والعلمي، ولكن التخصص هو من يصنف الوزير الجديد بلغة الكيمياء الدقيقة ويضع إنجازه المؤمل وأداءه تحت تقييم علماء الأبحاث وأكاديميي أقسام العلوم، فالكل ينظر للوزير من وجهة نظر فهمه واختصاصه واهتمامه، الكيميائي وعالم الأبحاث والطبيب والإداري والقاضي والمريض والممارس الصحي وما إلى ذلك من التنوعات والاهتمامات. بما أنني أنحدر من وسط كيميائي وأعمل في مجال بحثي فإنني أنقل رؤية الوسط الذي أنتمي إليه هذه المرة والذي سيقابله فهم دقيق من قبل معالي الوزير. فمعالي الوزير يوضع في التصنيف البحثي كعالم أبحاث scientist تمييزا له عن حامل الدكتوراه الطبيب، وله خبرة طويلة من بداية شبابه بالعمل في المعمل وطرق التجريب وأنواع المختبرات وتصنيفها العملي من مختبرات تشخيص أو مختبرات بحثية. فضلا عن خبرته الإدارية في العمل الإداري الرفيع بجامعتي الملك خالد وجازان. ولكنني أعود بلغة الباحث فأقول: يتطلع العاملون في مجال البحث العلمي إلى أن تقود وزارة الصحة دورا رياديا في إنشاء مراكز أبحاث قومية في البلاد لها ثقلها كمعاهد الصحة البريطانية nhs والمراكز القومية البحثية في أمريكا والصين وبقية أنحاء العلم، والتي لا تؤمن بهوس التصنيف العالمي ولا موقعها على مؤشراته، والتي أفقدت بعض الجامعات مصداقيتها وعادت على جيل الشباب من الباحثين بإحباط وفقدان ثقة لا بأس به، ولكن تجاوز سلبيات مراكز الأبحاث والمعامل الجامعية وكراسيها ومراكز تميزها من خلال جرد أبرز تلك السلبيات والإيمان بواقعية أننا لا نزال ناشئين جدا على تشكيل ورئاسة فرق بحثية طبية علمية وطنية 100% تخترع وتصدر العلم من أعصاب أدمغتها وتنافس في النشر بأرقى وأصعب المجلات العلمية المتخصصة، وليس من شبهة تمويل الأبحاث المرموقة خارجيا والاستئثار بأنانية مطلقة في الاستفادة من المواقع الحساسة للتمكن من الهياط والنشر مع العلماء الدوليين اسميا فقط، حينما نناقش سلبياتنا ونجردها سنجد أن في ثناياها حلولا لا تحتاج إلى تشكيل لجان لابتكار حلول لا تمس صلب المشكلة. فكم من بروفيسور أحيل للتقاعد ولم ير ورثة العلم من إرثه مفخرة! وعليه فإن الباحثين يطمحون بأن تقود وزارة الصحة عجلة بحث علمي رصينة تسعى إلى الاستفادة بحرص من الخبرات الدولية، والتي ستكون بادرة نجاحها الأولى مثمرة فيما لو تم استقطاب قادة البحث العلمي من الشرق والغرب بدلا من إرسال المال وأسماء بعض النفعيين من هنا، هذه المعضلة الرئيسية في إعاقة تقدم العلوم الجديدة ومواكبتنا لها. هناك كثير من الحديث من وجهة نظر الباحث وعالم الأبحاث وفني المختبرات ومساعد الباحث، مثله مثل المريض الذي يود أن تجتث البيروقراطية من قلب الهيئات الصحية الشرعية والمجاملات التي تقتل تقديرات أحجام الأخطاء الطبية في ثنايا التقارير الطبية، هناك كثير من المستشفيات في أطراف البلاد تود لو تزفر لتعبر عن حجم بؤسها من شركات التشغيل، وهناك الكثير من القيادات النسائية النزيهة لو وضعت محل بعض القيادات الرجالية فإنها كفيلة بمسح سمعة المنصب وتورط قياداته بشبهات الفساد المالي والإداري وهناك وهناك! علك نظرية الراحل غازي القصيبي في إدارة وزارة الصحة بالتمدد وإنشاء المباني والتفتيش والزيارات المفاجئة مرحلة تجاوزتها وزارة الصحة، الوزارة بحاجة إلى أن ينظر لها معالي الوزير نظرة الكيميائي.. أن يسقط عليها علم التجريب في كل تفاصيلها، والأهم أن يستبدل الحرس القديم بحرس آخر، فالحرس القديم كانت له نتائجه مع من سبق، والعين ستعشق كل “جديد”! انتهت المساحة!