بحرة.. نهار ملوث وليل مقلق بالممنوعات
ما إن يسدل الليل أستاره حتى يتحول الشريان الرئيسي الذي يتوسط مركز بحرة التي تستعد للتحول إلى محافظة إلى مسرح للحوادث نتيجة الظلام الدامس، فيما يتحول طريق العين في بحرة إلى سوق للمتاجرة في الممنوعات التي أصبحت تقلق الأهالي وتزيد خشيتهم على أبنائهم الذين قد يستغلهم ضعاف النفوس في الترويج للممنوعات وتحديدا المخدرات
السبت / 13 / شوال / 1435 هـ - 18:30 - السبت 9 أغسطس 2014 18:30
ما إن يسدل الليل أستاره حتى يتحول الشريان الرئيسي الذي يتوسط مركز بحرة التي تستعد للتحول إلى محافظة إلى مسرح للحوادث نتيجة الظلام الدامس، فيما يتحول طريق العين في بحرة إلى سوق للمتاجرة في الممنوعات التي أصبحت تقلق الأهالي وتزيد خشيتهم على أبنائهم الذين قد يستغلهم ضعاف النفوس في الترويج للممنوعات وتحديدا المخدرات. افتقار الطريق الذي يقسم بحرة نصفين ويربطها بمكة المكرمة وجدة لأدنى وسائل السلامة أوجد صعوبات عديدة للأهالي من حيث التنقل بين الجزأين الشمالي والجنوبي، فضلا عن المخاطر التي ربما يتعرض لها المسافرون عبر الطريق.
شوارع حمراء
ما يزيد الطين بلة مصنعان يحيطان ببحرة، أحدهما في بدايتها من ناحية جدة، والآخر قبل الخروج منها إلى مكة المكرمة، أكسبا شوارعها لونا أحمر نتيجة تصنيع الطوب، إضافة للأضرار البيئية والصحية نتيجة قرب سوق الأغنام من الأحياء السكنية، وأشجار البروسوبس المحظور استيرادها وفق أنظمة وزارة الزراعة لما تسببه من أضرار بيئية تشمل الإنسان والنبات والحيوان.
3 قضايا
تركي القحطاني أحد سكان مدينة بحرة رافقنا خلال الجولة، وتحدث عن معاناة الأهالي من ثلاث قضايا رئيسة تتضمن غياب الخدمات والأضرار البيئية الناجمة عن المصانع، إلى جانب المخاطر الأمنية التي تواجههم. الغبار المتطايريقول:»معظم المحلات التجارية من مطاعم وصيدليات وغيرها تواجه إشكاليات الغبار المتطاير من حركة السيارات على الطريق الرئيسي، ولا سيما أنه يخلو من الأرصفة، فضلا عن وجود مساحات غير مسفلتة تتسبب في إثارة الأتربة التي تؤذي سالكي الطريق والسكان». آثار السيول ويشير إلى وجود آثار للسيول لم تتم إزالتها حتى الآن منذ عام 2010، فهناك أجزاء من أسوار منازل مهدمة، وسيارات جرفها السيل، إضافة إلى أكوام نفايات تقبع على جنبات الأحياء السكنية منذ أكثر من سبعة أشهر.
انعدام النظافة
يقول «مرت سيارة نظافة تابعة للبلدية، وأوقفتها للتحدث مع العامل الذي امتنع عن رفع النفايات، مبررا ذلك بضرورة تقديم شكوى رسمية ضد من يرمي المخلفات في الشارع، ومن ثم تلقي أمر بإزالتها».
الصحة مريضة
وعلى الطريق الرئيسي لبحرة يوجد مبنى لمركز صحي حكومي، أكد أحد الساكنين بالقرب منه أنه لا يتسع إلا لـ 5 مرضى فقط، يقول»لا يجد أهالي بحرة مستشفيات للعلاج، فأقربها إليهم مدينة الملك عبدالعزيز الطبية، ولا يسمح بالعلاج فيها إلا لمنسوبي الحرس الوطني فقط»، مضيفا أن مباشرة حالات الحوادث المرورية ببحرة تتم إما عن طريق مستشفيات مكة المكرمة أو جدة في ظل انعدام المراكز الإسعافية لحالات الطوارئ.
شلل القطاعات
رصدت «مكة» خلال الجولة مباني سكنية تحولت إلى مقار لدوائر حكومية مهمة، من ضمنها مكافحة المخدرات والمرور والشرطة، حيث تصطف أمامها سيارات كل قطاع، غير أن الأهالي يطالبونهم بالنزول إلى الميدان والوقوف على عدد من المخاطر الأمنية. وأوضح تركي القحطاني أن بحرة الجنوبية تحوي بيوتا شعبية يسكنها عمالة مخالفة حولوها إلى أوكار لتصنيع الخمور ودس المسروقات وغير ذلك من المخالفات الأمنية التي تهدد الأهالي.
استهداف الصبية
ويذكر مرشد التعافي في جمعية كفى للتوعية بأضرار التدخين عبدالعزيز العتيبي، أن انتشار المخدرات في بحرة وصل إلى صغار السن الذين لا تتجاوز أعمارهم 12 عاما، مضيفا « الكبتاجون الذي يطلق عليه العامة مسمى الحبوب أصبح أكثر الأنواع رواجا ببحرة، كونها منطقة مفتوحة تحوي أجزاء كبيرة من الصحراء، مما يسهل انتشارها بسرعة». ولفت إلى أن بحرة شهدت قبل ثماني سنوات انقطاعا في دخول المخدرات إليها على خلفية التشديدات الأمنية، مما دفع ببعض المروجين فيها إلى تصنيع الحبوب، كما يلقى الحشيش أيضا إقبالا، وأسهم في انتشاره العمالة السائبة ممن يمارسون عمليات بيع مشبوهة يقع ضحيتها الشباب.
بؤرة مخدرات
وعلى أطراف بحرة يوجد طريق سريع اسمه العين على أطرافه جيف لأغنام نافقة، يستخدمه الشباب لرياضة المشي في الساعات الأخيرة من النهار، ولكن ما إن يحل المساء حتى يتحول إلى سوق سوداء لبيع المخدرات، بحسب تأكيدات الأهالي. وأثناء الجولة استوقفنا رجل أمن برتبة عليا ليدلنا على أماكن حرق مخلفات الأغنام، وهي قريبة من مناطق سكنية، يقول:»جزء من هذا الوادي جرفه السيل وأحدث حفرة تحولت إلى مكب لفضلات الحيوانات والردميات التي تؤذي السكان وتتسبب في الأمراض الصدرية والأجهزة التنفسية». وذكر أنه تقدم بشكوى فكان الرد «إن إخماد الحرائق مسؤولية الدفاع المدني»، غير أن فرق الإطفاء أخبروه بأنهم لا علاقة لهم بحرائق النفايات، مضيفا:»الروائح الكريهة تستمر لأيام مما يعيق تحركات الأهالي وخصوصا الأطفال خشية الأمراض».
ناد في العراء
المتجول في بحرة يلفت انتباهه لوحة إرشادية تدله على وجود نادي بحرة الشبابي المصنف ضمن الأندية الثقافية الاجتماعية الرياضية، إلا أنه بمجرد الوصول إليه تكون المفاجأة، فالواقع أنه ملعب في أرض قاحلة تكومت على أطرافها النفايات، ولا يوجد موظفون ولا مرافق. وفي المقابل، وأمام بلدية بحرة الفرعية، حديقة تضم مرافق عامة من دورات للمياه وألعاب للأطفال وملعب مزروع ومدرجات ومضمار للمشي، لا يمكن الاستفادة منها بسبب قربها من مصنع للطوب الأحمر، حيث الجو الملوث والمليء بالعوالق والروائح.
التعديات والعطش
وفي هذا الشأن، لخص مصدر مسؤول في بلدية بحرة الفرعية التابعة لأمانة العاصمة المقدسة المشكلات التي تواجه بحرة في ثلاثة محاور تتضمن التعديات، وغياب الدعم الأمني، وتلف شبكات المياه. وقال المصدر المسؤول الذي فضل عدم ذكر اسمه لـ»مكة»:»معظم الأراضي ذات المساحات الشاسعة مملوكة إما لجهات حكومية أو لأشخاص، ولأنهم يهملون تسويرها بات المجال مفتوحا للتعديات فيها». وأشار إلى أن البلدية بمفردها لا تستطيع التصدي لأصحاب التعديات نتيجة غياب الدعم الأمني عنها، إضافة إلى أن أصحاب تلك المساحات يعيقون أعمال مشاريع البلدية، مؤكدا أن كل جهة تتملص من مسؤولياتها رغم وضوحها.
طفوحات وصرف
وبين أن غياب شبكة الصرف الصحي أدى إلى حدوث طفوحات في المجاري التابعة للأحياء السكنية، إضافة إلى تلف شبكات المياه، مما دفع إلى اتخاذ قرار إيقاف ضخ المياه في ثلاثة مواقع تتضمن أحياء متضررة بجنوب بحرة وشمالها. ولكنه استدرك بالقول:»عقدنا اجتماعات مع الجهات المسؤولة لبحث إشكاليات الصرف الصحي قبل نحو شهرين، وهم بصدد رفع مقترح لتنفيذ مشروع في بحرة، ولا سيما أن المجاري تؤثر على أعمال البلدية من سفلتة وإنارة وغيرها، وتُهدر أموال طائلة أيضا في ذلك الأمر».
ازدواجية القطاعات
ويؤكد المصدر المسؤول في بلدية بحرة الفرعية أن ازدواجية أدوار القطاعات ببحرة أربكت المركز بشكل كبير، فالبلدية والدفاع المدني والكهرباء والتعليم تابعة للعاصمة المقدسة، في حين يتبع كل من الدفاع المدني والشرطة والمرور ومكافحة المخدرات والمحاكم والهاتف والصحة لمحافظة جدة. واستطرد «جميع الإشكاليات التي تواجه أعمال البلدية ببحرة سببها الجهات الحكومية الخدمية الأخرى، فلابد من إجراء جملة من الإصلاحات كي نستطيع تأدية عملنا».
التلوث والبيئة
ووفق دراسة حديثة صادرة عن المجلس البلدي وبلدية بحرة التابعة لأمانة العاصمة المقدسة قبل شهرين، تعدت معدلات التلوث في بحرة المعدلات المسموح بها جراء المخلفات الصادرة عن المصانع بها. وقال المصدر المسؤول في بلدية بحرة الفرعية:»شملت الدراسة أكبر مصنعين في بحرة، الخياط والعمودي، وصدرت توصيات بضرورة زيادة أعداد أجهزة التصفية والفلترة في المصانع لتخفيف آثار الضرر ومعالجة بعض المواقع المتضررة هناك، على أن تتم متابعة تنفيذها من قبل المجلس البلدي».
عقود النظافة
وطالبت بلدية بحرة الفرعية المواطنين بتحمل أوضاع النظافة في المدينة لحين انتهاء عقد الشركة المنفذة وبدء العقود الجديدة العام المقبل، حيث يؤكد المصدر المسؤول في البلدية أن الشركة المنفذة تعاني من إشكاليات نقص العمالة والمعدات والإشراف عليها والصيانة. وأضاف:» الشركة المنفذة لم تستطع التعامل بشكل جيد مع العمل، فحجمه يفوق إمكاناتها بكثير، حيث لا يوجد سوى 30 عاملا للنظافة ببحرة، إلا أن العقود الجديدة تتيح عددا أكبر من العمال يصل إلى ألفي عامل».
أزمة بسبب القطار
ولفت إلى أن مشروع القطار تسبب في إشكاليات كونه يمر بداخل أحياء بحرة، حيث أزيلت منازل كثيرة، مما يحتم ضرورة إعادة تخطيط المنطقة المحيطة به، فضلا عن عدم تخصيص محطة للقطار في بحرة والتي تم رفع مقترح بإنشائها لم ترد عليه الجهات المعنية بعد.
مهام إشرافية
وحول المشاريع الجاري تنفيذها ببحرة، أفاد المصدر المسؤول في بلدية بحرة الفرعية، بأن تنفيذها يعتمد على ضخ الميزانيات من قبل وزارة المالية، وزاد:»بعد أن تحولت مهام البلدية إلى إشرافية فقط أصبح هناك بطء في تنفيذ الأعمال نتيجة الإجراءات البيروقراطية التي تستنفد الوقت».
مشاريع بحرة:
- الحالية:
- - درء أخطار السيول 4 مشاريع، منجز ومستقبلي.
- - حدائق عامة، منجز 3 وبقيت حديقتان تحت الطرح.
- المتوقعة:
- - درء أخطار السيول، حرم وادي فاطمة، سيتم عمله بمثابة كورنيش تحت الدراسة.
- - تسوير المقابر.
- الاحتياج والمتعثر:
- - سفلتة وإنارة وبنى تحتية.
- - منع البناء في الأودية ومجاري السيول.
- - الطريق السريع الرئيسي بطول 14 كيلومترا، تسلمت منه البلدية 3 كيلومترات من وزارة النقل.
- - إزالة 40 عقارا لصالح مشاريع الطرق.
- - حصر الأراضي الفضاء والرفع بها إلى هيئة الاستثمار، لتحويل حرم وادي فاطمة إلى الكورنيش.
- - حل مشكلة البنية التحتية نتيجة تشبع الأرض بالمياه.
- - تحول وادي فاطمة لمستنقع مائي نتيجة صب مياه شركة المياه الوطنية في الوادي مما ينتج عنه أضرار بيئية وصحية.