أول الغيث قطرة
أبرزت بعض الصحف يوم الجمعة الماضي في صفحاتها الأولى خبرا مهما، بل خبرا يسر كل مواطن وهو أن وزارة العدل لاحظت أن بعض العقاريين يملكون
الثلاثاء / 25 / رمضان / 1435 هـ - 21:15 - الثلاثاء 22 يوليو 2014 21:15
أبرزت بعض الصحف يوم الجمعة الماضي في صفحاتها الأولى خبرا مهما، بل خبرا يسر كل مواطن وهو أن وزارة العدل لاحظت أن بعض العقاريين يملكون صكوكا لمساحات شاسعة من الأرض البور، تم استخراجها بطريقة غير نظامية في أماكن متعددة في الرياض وحدها، وأن محكمة الاستئناف بمنطقة الرياض ألغت كافة محتويات هذه الصكوك، وبلغت مساحتها في الرياض نصف مليار متر مربع، فيما بلغت قيمتها التقديرية أكثر من أربعمئة مليار ريال، وأن هذه المساحات الكبيرة قد عادت لأملاك الدولة، وتتمة الخبر السار أيضا أن وزارة العدل تجري مسحا شاملا على صكوك مماثلة في عدد من المدن الكبيرة في المملكة، التي كانت مظان الحرص والتكسب من العقاريين ومن يساعدهم من كتاب العدل، وغيرهم مثل مدينة جدة ومكة والطائف والساحل الغربي وقد تعاد هذه المساحات الكبيرة إلى أملاك الدولة مما يبشر بانفراج سريع لأزمة طويلة وضيق أصاب الناس في ما يصلح من الأرض للبناء عليها سواء للخاصة أو العامة، وسبب ذلك ارتفاعا كبيرا في قيمة الأرض والعقارات حتى صار الحصول على قطعة أرض مناسبة لمرتفعي الدخل وليس لمتوسطيهم من شبه المستحيل، ونتيجة للشح الكبير في ما يمكن أن يصلح من الأرض للسكن تعطلت حتى المشاريع العامة، وأكبر شاهد على العوز الذي نعانيه ما تواجهه وزارة الإسكان منذ إنشائها إذ لم تستطع أن تقوم بما طلب منها أن تقوم به وقد صرحت مرارا أنها لا تجد أراضي مناسبة لتقيم عليها مشاريعها الإسكانية في مدن المملكة كلها، ومثلها وزارة التربية والتعليم التي لا تزال أكثر مدارسها مستأجرة. أما الباحثون عن قطعة أرض للسكن الخاص فمن دون ذلك خرط القتاد كما يقول المثل، والباحثون عن السكن الفردي هم الطبقة العاملة وصغار الموظفين الذين لا تتجاوز رواتبهم عشرة آلاف ريال أو ما دون ذلك، ونقرأ في ما يتردد في الصحافة المحلية والتقارير المهتمة في شؤون العقار وشجونه، أن ستين في المئة من المواطنين السعوديين لا يملكون منزلا مستقلا، وأن نسبة لا يستهان بها من العسكريين خاصة والمدنيين بشكل عام يتقاعدون من العمل وهم لا يملكون منزلا خاصا بهم. وفي مقابل هذا الضيق على الناس في المدن الكبيرة سريعة النمو السكاني الهائل سبقت فئة صغيرة من الناس إلى امتلاك مساحات شاسعة كما وصف الخبر من الأراضي داخل المدن واحتكرت ما وصلت أيديها إليه وتركته بياضا تتضاعف قيمته بتضاعف الحاجة إليه، ولم تعرض ما تملك من بوار الأرض لاستثماره والاستفادة منه في ما يوسع على الناس ويتيح قيما عادلة للبيع أو الإيجار. مما جعل الاحتكار للمساحات الكبيرة يؤتي ثماره المرة، ويجرع الناس طعم العلقم عندما تصبح الأرض سلعة غير قابلة للرواج ولا للدورة الطبيعية في صلب الاقتصاد الوطني، وإنما هي احتكار واستغلال وإضرار وكسب غير مشروع على حساب الفقراء وأهل الحاجة، ومعلوم أن الاحتكار لأي سلعة يحتاجها الناس جريمة في كل الأديان والأعراف والقوانين السماوية والوضعية حتى في ما لا شبهة في امتلاكه، فما بالك بالاستيلاء غير المشروع الذي أشار إليه الخبر والاعتداء على الأملاك العامة واغتصابها لتزيد الأزمة وتشتد الحاجة من الناس كافة ويصيب الضرر كل الناس. والاتجار بالأرض البور ظاهرة خطيرة استشرت واتسعت عندنا في المملكة خاصة ولعل هذه البادرة تكون بداية مبشرة لكف الأيدي العابثة ومنعها من التطاول على ما يضر العامة والخاصة.