متلازمة "الجهاد": كراهية المنشق السعودي

«متلازمة الجهاد» هو المرض النفسي الجديد الذي أدعو المتهمين إلى تأسيس مقاييس طبية وعلمية ونفسية له وأطلقه من مقالي هذا، ففي الأسبوع الماضي نشرت الوسائل الإعلامية أن عددا من

«متلازمة الجهاد» هو المرض النفسي الجديد الذي أدعو المتهمين إلى تأسيس مقاييس طبية وعلمية ونفسية له وأطلقه من مقالي هذا، ففي الأسبوع الماضي نشرت الوسائل الإعلامية أن عددا من المنشقين عن السعودية نحرت رقابهم داعش بعدما هاجروا للانضمام إليها، وقبلها بأشهر تم إعدام منشقين سعوديين آخرين رميا بالرصاص الداعشي في سوريا و العراق. النتيجة لم تكن مفاجئة بل طبيعية جدا فالخائن والمنشق عن وطنه ليس له إلا الخزي في الدنيا، أما في الآخرة فمصير من يسعى في الأرض الفساد و يستحل الدماء إلى شر العقوبة التي لا يقدرها لهم إلا الله تعالى. إذا نظرنا عامة لأوضاع السعوديين المنشقين عن السعودية داخل صف الإرهاب المقاتل خارجيا، المتشكل من قبل قوى خارجة عن القوانين والأعراف الدولية، سنجد أنه أكثر الجنسيات التي تحظى بكراهية شديدة داخل تلك الصفوف القتالية المتشكلة في أية منطقة مضطربة حول العالم. يتجلى ذلك في الوظيفة التي يتم احتكاره فيها، كأن يكون انتحاريا أو مقاتلا في الصف الأول أو رهينة، بينما يستبعد عن منصب الرئاسة والولاية لأنه من الطبيعي لا يرضى الجمهور أن يولي عليهم إلا شخصا من عرقهم في نهاية المطاف. كما أن هذه الكراهية ناجمة عن أبعاد عرقية ونزعات سياسية ومذهبية متطرفة فضلا عن الكاريزما المتطرفة المنبوذة للمنشق السعودي الممزوجة بالطباع البدوية المتصحرة التي تعاني فطريا من الفوقية في التعامل مع الأعراق الغريبة عن البيئة البدوية. ناتج الكراهية للمنشق السعودي تحت راية القتال «الجهاد» يمكن استعراضها من على جثث أولئك بدءا من أفغانستان، حيث أظهرت الحرب على طالبان مدى كراهية العرق الأفغاني لما أسموه المجاهدين العرب، تجلى ذلك في التمثيل بجثثهم بعد مقتلهم بل والتبول عليها لأنها كانت سبب جذب القوة الأمريكية لأفغانستان فضلا عن كتمها لأنفاس السكان الأصليين بقوانين التنظيم المتطرفة وعزلهم عن العالم بكل مظاهر التواصل والتقدم، بل وأصبح العرق السعودي مطلبا لاصطياده حيا مقابل حفنة دولارات وتسليمه للقوات الأمريكية التي ملأت سجون غوانتنامو بعدد ليس قليلا من المنشقين السعوديين، أما في العراق ومع موجة الغزو الأمريكي عام 2003 فقد حظي المنشق السعودي في العراق بتعذيب على يد الطائفة الشيعية المتطرفة لا يقل عما ناله في أفغانستان وقدمت العديد من تلك الرقاب إلى مشانق الإعدام بدون دعوى قضائية أو تهمة مباشرة، كراهية في هذا العرق القادم مع موجة الاضطراب والاحتلال لتلك الدول. في علم الطب تعرف المتلازمة المرضية بعنوان جامع عندما تظهر أعراضها بشكل متكرر على عينة بشرية بحيث تشمل مجموعة من الأعراض المرضية والعلامات المتزامنة ذات المصدر الواحد. ومن ثم فلو حددنا مجموعة مقاييس «لمتلازمة الجهاد» تجاوزنا فيها تعريض المنشقين لغسيل الدماغ بالأفكار وتعريضه لجرعات من حبوب الهلوسة والمخدرات وغيرها من العقاقير التي تنتشر في تلك البيئات، سنجد في الحالة العامة لكل المنشقين عن السعودية والمنضمين لصفوف القتال الخارجية اجتماع أعراض المتلازمة الجهادية كمحرك رئيسي: كالرغبة في إشباع الحاجة الجنسية بامرأة مثالية جدا «الحور العين» وإسقاط فشله النفسي والاجتماعي على الرغبة بالتطهر من الآثام عبر الانخراط في الجهاد ورغبة الظهور كقائد مشهور والتسلط على الضعفاء والتشفي بقتل الأبرياء واستهداف البنى التحتية بالأعمال التخريبية لتعويض النقص النفسي ...إلخ. بالنظر إلى تحميل فكرة الجهاد الخلاص العلاجي لكل مشاكل أولئك المنشقين فإنه يمكن رصد الأعراض الرئيسية للمتلازمة التي تبدأ من مرحلة النشوء بسبب الاكتئاب الذهني للشخص المصاب به ويتمظهر في فقدان الشخص للاهتمام بالنظافة والمظهر الشخصي وهي سمة بارزة في جميع صور المنشقين، وأيضا مع دراسة العوامل المشتركة لبيئة النشوء الاجتماعي (الظروف العائلية، القدوة والميول الاجتماعية وغيرها)، ثم تتطور بعد ذلك أعراض المتلازمة لمراحل متقدمة يمكن من خلالها رصد الكثير من التغيرات في التكوين الجسدي والوظيفي والكيمياء الحيوية والسلوكيات...إلخ. ما يمكن أن يبدأ رصده تحت مسمى « متلازمة الجهاد» في عيادات علم النفس ومن قبل علماء النفس و تصنيفه تحت متلازمة نفسية جديدة نتجت بسبب تغير الأوضاع السياسية في المنطقة للأسوأ على فترات تاريخية طويلة تتالت فيها النكبات على الشعب العربي والإسلامي يمكن أن يمهد لمرحلة جديدة في تطور وسائل علم النفس العلاجي التي يمكن معها علاج المصابين بهذا النوع من الفصام السياسي الفكري والهلاوس الجهادية قبل أن يقعوا تحت سكاكين ومشانق الجهات الخارجية.