لا تمنّوا علينا بـ: "زكواتكم" فتُوهمُنا بأنّها: "تبرعاً"..!

قالت: «الأثرياء» تبرعنا (فأعطينا.. وسدّدنا ديوناً.. وأطلقنا سجناء.. ووهبنا جمعياتٍ خيريّة.. و.. و..)

قالت: «الأثرياء» تبرعنا (فأعطينا.. وسدّدنا ديوناً.. وأطلقنا سجناء.. ووهبنا جمعياتٍ خيريّة.. و.. و..) قل: لم تتبرّعوا ولكن قولوا: زكّينا (أخرجنا حقّ الله في مالٍ قد استخلفنا فيه.. وهو حقّ لا يسقط حتى بالموت.. ذلك أنّه فريضة - كما الصلاة - مشروطٌ بها إسلام المرء فينا).. أتمنّون على الفقراء (وبقيّة أهل المصارف المستحقة) أنّ زكيّتم. قل: لا تمنّوا عليهم تأدية ما افترض الله عليكم بل الله يمنُّ عليكم أن ابتلاكم بـ: «المال» فناظرٌ كيف تعملون. إن كنتم صادقين. لكم نتأذى- في مملكة الإنسانية - ممن جعلوا من تأدية: «الزكاة» حفلة تشهيرٍ يُذلّ بها: « الفقراء/ والمعوزين» ويُعزّ فيها إعلامياً أهلُ: «الثراء» على النحو الذي يُبدون فيه أنفسهم بأنّهم أولئك: «المحسنون» إذ يفعلون ذلك: «تصدّقا» إذ يُسوّقون لذواتهم وكأنه محض تنفلٍ من حُرِ مالهم.. لعلهم بذلك ينتظرون ثناءً من لدن: «الناس» أو يدخرون ذلك لمآرب أخرى.. لست ها هنا في موضع الإبانة عنها بسطاً! ولئن تأذينا من هذه السلوكيات المشينة - أنا وأنتم معشر القراء - فإنّ التأذي سيكون أضعافاً مضاعفة فيمن اضطرهم الابتلاء إلى أن يمدوا أيديهم إلى هؤلاء، وحينها لا تسأل عن حجم القهر الذي سيطال السائل من هذا أو من ذاك! إلى ذلك فإنّي أطالب بأمرين اثنين: أما أحدهما فهو: أن يكفّ هؤلاء - الأثرياء- عمّا يقترفون من تعالٍ وليتذكروا أنّها لا تعدو أن تكون: «زكاة» ليس لهم فيها أدنى فضل إن لم يكن الفضل فيها – ابتلاء- للآخذ. وثانيهما: أودّ بكل وسيلةٍ إعلاميّة ينشر- أو يبثّ- فيها مثل هذا الفعل أن يتمّ التنويه على أنّ هذه المنفقات إنما هي زكاة، في حين تُنحّى عبارة: «تبرّع» ذلك أنّه ليس هذا محلها. حتى إن تكن: «تبرعاتٍ» بحقٍّ.. أفلا يخشون أن تشملهم آية «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالْأَذَىٰ كَالَّذِي يُنفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ... الآية» وفي الجملة.. فإنّ آثار: «الزكاة» الإنمائية في أي مجتمعٍ لا يمكن أن تتجلّى إلا بحال التطبيق الأمين للزكاة وفقهها المبسوط في مظاناتها. وإلى ذلك يمكن القول: إنّ في: «الزكاة» محاربةً للاكتناز ليس بمقاومة حبس المال عن التداول والانخراط في العملية الإنتاجية وإنما هو أبعد من ذلك حيث ما يعرفه المختصون بوصف: «الموارد المتربصة» وغيرها.. وليس بخافٍ أنّ في: «الزكاة» أيضاً: الحث على الاستثمار وذلك أنّ فرضها على رؤوس الأموال النامية بالضرورة يؤدي إلى الحث على الاستثمار... ولو أنّ المساحة لم تضق لأبنتُ شيئاً مما توسّع فيه: «الاقتصاديون» في كتاباتهم حين توسّعوا في القول عن الآثار التوزيعيّة للزكاة بحسبان هذه الأخيرة قد فرضت لتكون ضماناً لاستمرار عدالة التوزيع في المجتمع المسلم (أفضل من تناول مثل هذه الموضوعات فيما أعلم هي: الدكتورة نعمت مشهور في كتابها: الزكاة الأسس الشرعية والدور الإنمائي والتوزيعي) وقد أفدت منه كثيرا.