مشاريع شبكات التواصل وتحدي الربحية
الاحد / 29 / محرم / 1438 هـ - 19:30 - الاحد 30 أكتوبر 2016 19:30
تحدثت في مقال سابق عن تحد يواجه المشاريع الناشئة وبخاصة تلك التي تعتمد على الانترنت ووسائل التواصل في تشغيل ونشر أعمالها، ويتجلى ذلك التحدي في صعوبة تحويلها إلى نماذج أعمال مربحة.
والمشكلة تكمن في ضعف تمركز هذه الأعمال في أسواقها، نتيجة لانخفاض التميز (ما يسهل نسخها في حالة نجاحها)، وأيضا نتيجة لعدم وضوح العلاقة التي تربط هذه المشاريع بمستخدميها أو عملائها (متابعيها) والأطراف المتعاونة معها، لهذا يسهل استبدالها بمجرد تغير أذواق المستهلكين الذين يجدون خيارات متعددة لنفس المحتوى أو الخدمة في حسابات ومواقع أخرى متميزة كذلك. هذه التحديات تخفض من قيمة الخدمات في أعين العملاء وتعقد قرارات التسعير. ولو قام أحد أصحاب تلك المشاريع بتسعير الاشتراك في قناته مثلا، ستكون النتيجة تخلي الجمهور عنها، لصعوبة الوصول إليها ولوجود بدائل أخرى.
في مقال اليوم، أود إضافة تحليل أعمق للمشكلة بهدف الوصول إلى حلول تزيد من تمركز هذه الأنشطة وترفع فرص تحويلها إلى أعمال مربحة.
هناك أربعة أسئلة، يجب أن تجيب عليها بوضوح لتتمكن من تصميم نموذج أعمال مربح، يلخصها المؤلف والمستشار في المشاريع الرقمية Greg Satell فيما يلي:
أولا، كيف تخلق القيمة للعميل (أي كيف تشبع حاجة لديه بطريقة تتفوق على المنافسين).
ثانيا، كيف تقدم المنتج أو الخدمة للعميل. لن تجدي الفكرة وحدها، لهذا ينبغي أن تتعرف على إمكانياتك الصناعية أو التقنية والمهارية والمعرفية واللوجستية التي يمكنك توظيفها لتحويل الفكرة إلى خدمة أو منتج حقيقي، متميز، وبأداء متفوق.
ثالثا، كيف تستحوذ على القيمة من العملاء – أو كيف تحول أعمالك إلى نشاط بسيولة نقدية وربحية. بعض الخدمات والمنتجات يسهل تسعيرها مباشرة، ولكن تسعير محتوى إعلامي مفتوح أو تطبيق أو شبكة تواصل أمر فيه مخاطرة، فبالرغم من كثرة المتابعين، إلا أنه لا أحد لديه الرغبة بدفع ريال مقابل ما يتلقى.
رابعا، كيف تبقي مشروعك في القمة. معظم المشاريع لا يدوم نجاحها طويلا، والأمر يزداد صعوبة في مشاريع الإعلام الحديث لشدة المنافسة وانفتاح الصناعة لأي منافس جديد - تكلفة المشاريع تكاد تصل إلى الصفر.
ومن منظور آخر، يقول Greg تحقق بعض الأنشطة الرقمية نجاحا سريعا جدا (وهذا الأمر ملاحظ في العديد من أنشطة وحسابات المشاهير التي غالبا ما تقفز للقمة بمجرد توصية من حساب مشهور آخر). هذه الأنشطة حققت الانتشار قبل أن تمر بفشل متكرر وخطوات خاطئة تسهم في تنمية التعلم والخبرة لديها. والنتيجة تنخفض المعرفة والتميز فيها من عدة جوانب، منها: لا تملك فكرة ماذا تفعل، وكثيرا ما تقدم الأفكار بنماذج مكررة، سطحية، أو خاطئة. أيضا قد لا يملك صاحب المشروع أو الموظف مهام واضحة ومحددة (يتمثل ذلك في سوء الهيكلة أو التنظيم الذي يربك الأداء ويضيع فرص التعلم)، وأيضا قد لا يملك القدرة على قراءة سوقه (سلوك زبائنه واحتياجاتهم)، فيخاطر بتسويق خدماته بطريقة غير جاذبة لهم.
ختاما، تتمتع العديد من الحسابات والتطبيقات والمشاريع الرقمية بجماهيرية كبيرة، ولكن لا أحد من عملائها يقبل أن يدفع في مقابل ما تقدمه ريالا. والتفكير في تسعير هذه الأنشطة قرار خطر، وهذا يجعل فرص نموها واستمرارها ضعيفة لعدم وجود الدخل الثابت الذي يدعم بقاءها أمام المنافسة القادمة.
بمقالي القادم، سأناقش أحد الحلول القيمة التي اقترحها مجموعة من الخبراء في تصميم نماذج الأعمال المربحة للمشاريع الصغيرة والناشئة.
almarahbi.h@makkahnp.com