الرأي

معلم مغلوب على أمره!

آلاء لبني
من المعروف أن التعليم يعد من أهم ركائز التنمية التي تساعد على تحويل القوة الكامنة لقوة منتجة، فالثروة الحقيقية لأي مجتمع هي القوة البشرية التي تمتلكها. تحاول الوزارة حل عدد من الإشكاليات المتعلقة بالتعليم مرتكزة على إحصاءات تعليمية، وهذا أمر محمود، فمثلا أثناء تولي الدخيل الوزارة أطلق برنامج (رفق) وهو برنامج وقائي وعلاجي لخفض العنف المدرسي، نظرا لما لوحظ من توسع دائرة العنف في مدارسنا بكافة أشكاله، وحرصا على بناء الشخصية المتزنة السوية المتكاملة للطلاب بما يساهم في تحقيق بيئة آمنة. ما يميز هذا البرنامج اعتماده على الواقع الميداني لتصنيف أنواع العنف الأكثر انتشارا في المدارس مرتبة تنازليا كما وردت بنص من برنامج رفق كالآتي: * العنف بين الطلبة كالتنمر، الضرب، التهديد، ..الخ. * عنف من أحد منسوبي المدرسة ( معلم في الأغلب ) تجاه طالب. * من طالب تجاه المدرسة أو ممتلكات مدرسية أو ممتلكات أحد منسوبي المدرسة. * من طالب تجاه معلم :( وهو الأقل انتشارا ). على أساس تصنيف أنواع العنف المُقدم من التعليم، أستغرب من الضجة حول مصطلح هيبة المعلم!! والصورة التي تظهر في الإعلام كمعلم مغلوب على أمره! والحديث المتباكي في الصحف على قيم ضائعة ومجاهدة المعلم المُعنف، وأقول من لم يمتلك القدرة على إدارة صفه فليخرج من التعليم. في حين يقل الحديث عن العنف بين الطلاب والتنمر المتنامي، وعن العنف الذي يمارسه المعلمون؟ العنف دائما يبدأ من الحلقة الأقوى للحلقة الأضعف ثم ينتشر وهناك عدد من النظريات المفسرة لظاهرة العنف كالنظريات السلوكية، التعلم بالمشاهدة، حالة الإحباط ..الخ. تتعدد الأسباب ويشترك فيها الجميع من الأسرة إلى الإعلام والألعاب الالكترونية المدرسة. نحن نرسل أبناءنا لدوام دراسي كامل يرتكز على مشاهدة التعنيف والاستهزاء الذي يمارسه المعلمون بالدرجة الأولى، فهم الحلقة الأقوى وتتقمص الحلقة الأضعف وهم الطلاب هذه التصرفات على من دونهم فالقوة من أقرانهم. من المعلمين من يضرب (بالباكورة) لأن الطالب لم يحفظ بالشكل المطلوب وتخيل أن يكون معلم قرآن!! وما زال هناك من يضرب الطلاب على التأخر في تأدية صلاة الظهر!! ناهيك عن أساليب الشتم والاستهزاء بالطالب وقدراته، أساليب تزرع ثقافة العنف والإكراه في النفوس. هناك من سيقول (الفلكة) هي ما تربينا عليه وهي من أخرجت الأجيال الحالية، أقول لنا في رسول الله أسوة حسنة «إن الله رفيق يحب الرفق ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف وما لا يعطي على ما سواه « رواه مسلم والحاضر هو نتيجة الماضي، والماضي لم يكن مثاليا ولم يصنع مجتمعا يقدس العلم، وأي صورة حالية لوضعنا التعليمي هي نتيجة لغياب الرؤية العلمية المقننة والالتحاق بالسلك التعليمي ليس عن رغبة وحب ولكن لكسب لقمة العيش والرزق فقط. هناك من سينكر ويعتبر أن هذه مبالغة لو تم تركيب كاميرات مراقبة سرا في المدارس لرأينا العجب العجاب، علما بأن بعض المدارس الأهلية التي تنتهج منهج المراقبة بالكاميرات تنعم بمجتمع آمان خال من أساليب التعنيف والاعتداءات الجنسية. طبعا هذا لا يعني أبدا أن المدارس الأهلية أكثر انضباطا أو جودة. الحقيقة أن مجاهدة النفس عن الشر والعنف ليس بالسهل، وكلنا قد نمارس التعنيف بعلمنا أو دون أن ننتبه، فنحن كمجتمع نقدس مفهوم القوة. قناعة الهيئة التعليمية بكف العنف وعدم تبريره ومحاسبة الجميع إدارة ومعلمين وطلابا هي سبيل الاستقامة لتحسين أوضاع مدارسنا.