الرأي

غلطة الشاطر بعشرة!

بسمة السبيعي
تبنى سمعة الشركات عند العملاء أو المساهمين على خبراتهم السابقة في التعامل معها، أو ما يسمعونه عنها من الآخرين. لذلك تضع أغلب الشركات سمعتها كأولوية أثناء اتخاذ القرارات وبالتحديد القرارات الطارئة منها والمستعجلة. حيث تعتبر الشركات سمعتها الحسنة عند الآخرين أحد أهم عناصر نجاحها. وتؤكد الدراسات على أن سمعة الشركة الحسنة تزيد من قيمتها وتضمن لها منافسة شريفة؛ مما يسهل عليها تحقيق أهدافها وتوسيع دائرة عملائها. سامسونج إحدى أضخم وأقدم الشركات في عالم الاتصالات والتقنية، لم تستطع إنقاذ سمعتها رغم ما بذلته من جهود. فقد حاولت شركة سامسونج الدفع لعميلها الصيني وشراء صمته بعد انفجار أحد أجهزتها الذكية (نوت 7). فبعد أن صور العميل فيديو يظهر احتراق الجوال، فوجئ في وقت متأخر من نفس اليوم بزيارة اثنين من موظفي سامسونج لمنزله، حيث قام موظفا الشركة بعرض جهاز جديد من نفس النوع وما يقارب 900 دولار للعميل كتعويض مقابل تعهده بعدم نشر الفيديو. رفض العميل ذلك، مؤكدا على حق باقي العملاء في معرفة أخطار اقتناء الجهاز. لم تفقد الشركة ثقة عملائها من الصين فحسب، بل من مختلف أنحاء العالم. فقد صرحت سامسونج ردا على الحادثة الأولى للعميل الصيني مصرحة بأن الأجهزة المعطوبة هي فقط تلك الأجهزة الموجودة في السوق الصيني. وبررت ذلك بأنها قد تعاونت مع مورد بطاريات آخر لم تتعاون معه في باقي الأجهزة الموجهة للأسواق في الدول الأخرى. وأن باقي الأجهزة باستثناء الصين آمنة وخالية من العيوب. لكن بعد عدة أيام اتضح أن الهدف من التصريح فقط محاولة المحافظة على ما تبقى من عملاء. حيث جرت حوادث أخرى مشابهة في دول مختلفة، وانفجرت عدة أجهزة لسامسونج من نفس الموديل والذي احترق بعضها في أيدي الأطفال. حتى أن أحدها انفجر في سيارة وأدى إلى احتراقها بالكامل والآخر في طائرة. بعد كل هذه الحوادث ما زالت سامسونج تحاول الحفاظ على سمعتها بطرق مختلفة كإرسال بديل للأجهزة المعطوبة في مختلف دول العالم والذي أكدت الحوادث اللاحقة لاستعمال هذه الأجهزة البديلة أن العطل ما زال موجودا. يستغرب العالم ردود فعل الشركة للمحافظة على سمعتها بطرق غير أخلاقية. فعلى سبيل المثال: أحد سكان ولاية كنتاكي في الولايات المتحدة الأمريكية تم نقله للمستشفى بعد أن استنشق الدخان الصادر من جهاز سامسونج البديل أثناء نومه. وحين تواصل مع سامسونج رد عليه أحد موظفي خدمة العملاء في الشركة برسالة نصية وصلت للعميل بالخطأ محتواها «أستطيع تأخير العميل (صاحب الشكوى) إذا اعتقدنا أن الموضوع مهم، أو نستطيع تجاهله ونرى إن كان سيفعل ما يهددنا به». يتضح من هذا أن موظفي سامسونج حاولوا إيقاف أو تأخير العميل المتضرر من نشر ما تعرض له باعتقادهم أن هذا سيمنع اتخاذ القرار الأصعب وهو إيقاف تصنيع الجهاز وسحبه من الأسواق، دون أدنى اهتمام بسلامة العميل. تأتي بعد هذه الحادثة حادثة أخرى وهي احتراق جهاز آخر من نفس النوع والذي أرسلته الشركة كبديل للأجهزة المعطوبة. حيث احترق الجهاز في طائرة أمريكية مما أدى إلى إخلائها بعد تصاعد الدخان من الجهاز، وذلك حفاظا على سلامة الركاب. كانت سامسونج تعلم مسبقا أن أجهزتها البديلة ما زالت تحمل نفس العطل من حادثة مواطن كنتاكي التي سبقت حادثة الطائرة لكنها لم ترد والتزمت الصمت بشأنها، مما دفع الحكومة الأمريكية إلى إصدار قرار بمنع حمل الجهاز في الطائرة وأن حامله يعد مرتكبا لجريمة فيدرالية قد تصل عقوبتها إلى عشر سنوات سجن وغرامة قد تصل إلى 180 ألف دولار. في نهاية الأمر خضعت سامسونج وأوقفت إنتاج هذا الجهاز بشكل نهائي، مما أدى إلى خسارة مادية تتجاوز الخمسة مليارات دولار. خسارة سامسونج لم تؤثر عليها فحسب بل امتد تأثيرها ليشمل اقتصاد كوريا الجنوبية ككل والتي تعد رابع أكبر اقتصاد في آسيا. حيث صرح مدير البنك الكوري أن شركة سامسونج أحد أهم أسباب انخفاض اقتصاد الدولة في الربع الثالث من العام الجاري. قضية سامسونج تؤكد أن الشركات لا تستطيع التحكم بسمعتها إلا عن طريق اتخاذ قراراتها بصدق وبطريقة أخلاقية. وأن أي تهاون قد تراه الشركة في بادئ الأمر بسيطا، قد يكلفها سمعتها وخسائر لا تستطيع تحملها. مما يدعو للتساؤل: هل ستتعلم شركات الاتصالات السعودية وتتعظ من خطأ سامسونج في عدم الرد وامتصاص غضب العملاء بالإضافة إلى تجاهل شكاوى الاستغلال وسوء المعاملة وضعف مستوى الخدمات. أم ستنتظر وتنظر صامتة إلى هروب عملائها للشركات الأخرى؟ ستجيب الأيام القادمة على هذا السؤال وحتما سيكون المواطن السعودي الواعي هو من يسيّر الإجابة لصالحه.