الرأي

دعوة إلى الفرح!

وحتى اللحظة الراهنة، وفي هذه البقعة المباركة من الأرض، لا يبدو أن كل شيء على ما يرام، بل إن هناك أمورا باتت أكثر تعقيدا من ذي قبل! والصراع بين (التفاؤل) و(الواقع) بلغ أشده، وبقدر النور الذي نحاول بثه جاهدين، يبتلع الظلام ملء فيه ما يمكن أن يبتلعه. إلى أين تهرب وجل ما حولك سواد في سواد، فالسياسة سوداء والاقتصاد أسود والمجتمع سوداوي، والعمل والمعيشة وساحة الفكر كلها إن لم تكن سوداء، فهي رماد داكن! إلى أين تهرب وطرق الحياة مغلقة، كل الذي أمامك مسالك للموت، تطول أو تقصر، وتتعدد المسالك والموت واحد.. فلنبحث عن أقل جوانب الحياة سوادا، وأبعدها عن الموت، وأكثرها شعاعا، أو إن شئت فأقلها ظلاما، تعلق بأوسع منافذ النور ولو كانت كسم الخياط، وأقصد أي مصدر للنسيم، زاحم السواد والظلمة وشق طريق الحياة بأكثر ما تستطيع من تفاؤل، أو إن شئت فبأقل ما يمكن من تشاؤم، فقمة التفاؤل في هذا الزمان أن تكون أقل تشاؤما. لن يفلت الذين سمحوا للواقع بأن يكون هكذا من مشهد يوم عظيم! كل الذين لوثوا واقعنا بأي أداة سيسألون ويحاسبون ثم تكون عليهم حس رة، وأما نحن فـ(إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب). الابتلاءات كثيرة والفتن لا تعد والمصائب تترا، فلا ترهق نفسك بعدها وإصلاحها وصدها، فالله هو مولانا وهو أرحم الراحمين، إنما عليك نفسك، فلها حق أن تسوقها إلى ما ينفعها ويسلي خاطرها وينسيها كثيرا من الواقع ويصدقها حينا ويكذب عليها أحيانا كثيرة، اعتن بنفسك أولا، ثم بعد ذلك اعتن بمشاكل العالم إن لزم الأمر، اقحم نفسك بين مصادر الجمال الشحيحة ارسم ابتسامة تطول أطول ما يمكن في ظل ندرة الابتسامات، كن سعيدا وافرح بقدر ما تستطيع، افرح ليوم جديد في حياة بائسة، افرح لإدراك الصلاة في جماعة، افرح لعدد المصائب التي لم تصبك، افرح لفريقك الذي كسب المباراة – أو خسرها بأقل أهداف -، افرح لكتاب اقتنيته أو نص جميل قرأته، افرح لوجبة غذائية أخلصت في تناولها، ابحث عن كل ما يمكن أن يسمى فرحا وقم بتعاطيه حتى تدمنه، وإن غابت ملامح الفرح في دنياك فستجدها لا محالة في دينك. «لنقض على البؤس بابتسامة، ولنجعل السعادة سببا لا نتيجة».