سنجار يغص بالنازحين الهاربين من تلعفر
“لم يبق مكان إلا قمنا بتوطين نازحين فيه”، يقول ميسر حجي صالح قائممقام قضاء سنجار في شمال العراق الذي لجأ إليه عشرات آلاف العراقيين الفارين من قضاء تلعفر الاستراتيجي القريب بعد دخول مسلحي تنظيم “الدولة الإسلامية” إليه
الاحد / 16 / رمضان / 1435 هـ - 00:00 - الاحد 13 يوليو 2014 00:00
“لم يبق مكان إلا قمنا بتوطين نازحين فيه”، يقول ميسر حجي صالح قائممقام قضاء سنجار في شمال العراق الذي لجأ إليه عشرات آلاف العراقيين الفارين من قضاء تلعفر الاستراتيجي القريب بعد دخول مسلحي تنظيم “الدولة الإسلامية” إليه. وشهد قضاء سنجار الواقع على بعد نحو 400 كلم من شمال غرب بغداد، والقريب من مدينة الموصل التي تخضع لسيطرة “الدولة الإسلامية”، قبل نحو ثلاثة أسابيع موجة نزوح كبيرة لأهالي تلعفر الذي تسكنه غالبية من التركمان الشيعة. ورغم افتقاره للبنية التحتية اللازمة، إلا أن المسؤولين في هذا القضاء الذي تسكنه أغلبية كردية، قاموا بكل ما يستطيعون لتخفيف معاناة النازحين. لكن معاناتهم بدت أكبر من إمكانات هذه المنطقة النائية. ويقول صالح “نزح من تلعفر باتجاه سنجار نحو 12 ألف عائلة يبلغ عدد أفرادها نحو 58 ألف شخص”، بينهم نحو 35 ألف طفل. ويضيف “قمنا بفتح المدارس والمساجد والمزارات لهم. ونحن بأمس الحاجة إلى فتح مخيم لهم لأن مشكلتنا تكمن في إيواء هذا العدد الكبير من النازحين، ولكن المنطقة بعيدة عن محافظة دهوك وهي على خط التماس مع الإرهابيين، ونخشى مهاجمتهم حيث لا نستبعد قيام مسلحي الدولة الإسلامية بالهجوم عليهم بالقذائف إن أقيم لهم مخيم”. وعلى امتداد الطريق الذي يربط سنجار بمناطق في محافظة دهوك القريبة والتابعة لإقليم كردستان، تتوزع سيارات اكتظت بالعائلات ووضعت فوقها ما خف من الحقائب، وقد غادرت المنطقة باتجاه الإقليم. ولا يخلو الطريق من دهوك (410 كلم شمال بغداد) إلى سنجار والذي يتطلب أكثر من ثلاث ساعات، من المخاطرة بسبب قربه من المناطق التي يسيطر عليها تنظيم “الدولة الإسلامية”، ما يتطلب تنسيقا مسبقا مع السلطات الكردية التي تسيطر على المنطقة منذ مغادرة القوات الحكومية لها في بداية هجوم المسلحين. ولا تزال بقايا السيارات المفخخة والعبوات الناسفة منتشرة على هذا الطريق. وفي مدرسة “زريفاي نوسي” للبنات في سنجار، تعيش عشرات العائلات وسط نقص كبير في الكهرباء التي لا تتوفر إلا لساعة واحدة في اليوم، ودرجات حرارة مرتفعة تبلغ نحو 50 درجة مئوية. كما أن مجاري القضاء قد سدت جراء عدم تحملها هذا العدد الكبير من العائلات التي اضطرت إلى إحراق مقاعد الدراسة واستخدامها في الطبخ. وتقول زينب جارالله (68 عاما) وقد ضمت إلى حضنها اثنين من أحفادها “لا ندري ما نفعل، وأين نذهب. نحن عائلات كبيرة ولا نملك شيئا. الذي حصل كان مفاجئا لنا وقد شاهدنا الموت بأعيننا”. وفي مزار السيدة زينب في شمال سنجار، يتوزع النازحون على كل زوايا الموقع، وخصوصا النساء والأطفال، فيما يجلس الرجال خارجه يراقبون أطفالهم وهم يركضون بين مجموعة قبور قريبة. وتقول مريم حسن (53 عاما) وهي تجلس قرب أحد القبور وحولها مجموعة أطفال “نعيش في المقبرة، والمواطنون مشردون في الشوارع. هناك نساء أنجبن في الشارع، وهذا شيء غير معقول”. وتبدو على وجوه بعض الرجال ملامح اليأس واضحة وهم يشاهدون أطفالهم ونساءهم يمرون بهذه الظروف دون أن تكون لهم القدرة على تغيير الواقع. ولم تجد عائلات أخرى مكانا يأويها مما اضطرها إلى الاحتماء بقطع من القماش الكبير عبر ربطه بأسقف السيارات التي أوقفوها قرب بعضها البعض وجعلوها على شكل خيمة، تجتمع تحتها النساء والأطفال، بينهم سيدة عجوز تحتضن رضيعا تقول إنها طفلة ولدت قبل يومين.