أنا الكشاف
الثلاثاء / 24 / محرم / 1438 هـ - 19:15 - الثلاثاء 25 أكتوبر 2016 19:15
أنا ذلك الفتى، ذلك الشاب الذي ترونه في كل مكان، أشارك زملائي الكشافة اللباس الموحد تعريفا عنا والتزاما منا. أخرج من منزلي تاركا أهلي وأحبتي حتى أؤدي مهمتي.
بعضكم قد يعلم من أنا؛ فأنا الكشاف، لكن هل تعلمون ماضيّ، من أين انطلقت؟! كيف كانت نشأتي؟! ما هدفي، والأهم ما دوري في المجتمع؟! حانت الفرصة كي أجيب على ذلك.
لو عدت للتاريخ، لوجدت أن الحركة الكشفية موجودة منذ عهد مؤسس مملكتنا الملك عبدالعزيز رحمه الله، ففي نهاية الخمسينات طرحت هذه المبادرة ونالت استحسانه رحمه الله، ومن هناك أمر بدراستها أكثر ورؤية إمكانية تطبيقها. تم ذلك حقا وفي نفس الحقبة الزمنية أنشئت إدارة التربية الرياضية وألقي إليها دور نشر الحركة الكشفية وعلى وجه التحديد في المدارس، تلك كانت الانطلاقة.
مرت الأيام وكانت الحركة في ازدهار وتوسع حتى تم الاعتراف بها دوليا في بداية الثمانينات الميلادية، حينها كانت المبادرة الكشفية ليست سعودية بحتة إنما إسلامية، واستمر ذلك حتى منتصف التسعينات، حينما تم اعتماد الحركة الكشفية السعودية والتي تنطلق سنويا مجددة وعدها بأن تبذل قصارى جهدها في القيام بما يجب نحو الله ثم الملك ثم الوطن، ومساعدة الناس في جميع الظروف والعمل بقانون الكشافة والذي ينص على الصدق، والإخلاص، والنفع، والود، الأدب، والرفق، والطاعة، والاقتصاد والنظافة. في حال تحدثت عن الحركة الكشفية بشكل عام فنحن نتحدث عن 40 مليون زميل كشاف حول العالم.
أما الحركة الكشفية السعودية فقد بدأت فور اعتمادها بـ 43 كشافا فقط، وفي موسم الحج المنصرم بلغ عدد أفرادها حتى 7000 كشاف وقائد. دعوني أطلعكم قليلا عما تقوم به جمعيتنا الكشفية بهذا التاريخ العريق، تقوم بالكثير من الأنشطة في عدة مجالات كمجال التنمية (إعداد المخيمات والمعسكرات الكشفية، وتأهيل وإعداد القادة)، ومجال خدمة المجتمع (معسكرات الخدمة العامة بالحج في مكة المكرمة والمدينة المنورة لخدمة ضيوف الرحمن، والمساهمة في عدد من الحملات التوعوية والتثقيفية)، ومجال الإعلام (التغطيات الصحفية)، والعلاقات العامة (توطيد العلاقة التي تسعى إلى تنمية المجتمع)، ومجال الحاسب والمعلومات (إعداد وإطلاق عدد من الدورات التدريبية، ودعم الشبكات وقواعد البيانات).
قد أسهب وأستمر في الحديث مطولا عن الدور الذي نقوم به، صحيح أن أكبر دور يكمن في موسم الحج والعمرة من أجل خدمة ضيوف الرحمن، ولكن هذا لا يقلل من الأعمال الأخرى التي يقوم بها زملائي من أفراد الكشافة وقياداتنا على مدار أيام السنة.
موسم حج 1437 تم تجنيد 7 آلاف كشاف بين جوال وقائد.
4500 منا في المشاعر المقدسة بين منى وعرفات على امتداد 9 معسكرات، و2500 في المدينة المنورة والمنافذ الحدودية.
3 آلاف عنصر من عناصر الكشافة في المشاعر المقدسة تولوا مهمة الإرشاد، حيث أرشدنا نحو 118778 حاجا (494 منهم تم إيصالهم جسديا، و18579 تم إيصالهم من خلال الشرح والتوجيه، أما البقية فتم إرشادهم فقط).
ومن أبرز ما سهل علينا عملية الإرشاد الخرائط التي نستخدمها في كل عمليات الإرشاد، حيث إن اللجنة المسؤولة عن الخرائط طورتها بصورة كبيرة باستخدام أحدث التكنولوجيا حتى تواكب العصر، وحملت من الدقة القدر الكبير، فقد أضافت إحداثيات المشاعر المقدسة مفصلة بالإضافة إلى المناطق المحيطة التي يكثر فيها الحجاج من أجل السكن أو من أجل زيارة الحرم المكي الشريف، ولإكمال ذلك طبعت اللجنة نحو مليون نسخة في أحجام متعددة ووزعتها على الحجاج.
لم يكن دورنا مقتصرا على ذلك فقط فهناك 100 من أفراد الكشافة تم تسخيرهم من أجل المساهمة في مشروع الهدي والأضاحي، حيث قمنا بتوجيه الحجاج، وبالتحديد من يريد الشروع في الذبح، إلى المواقع الرسمية لذلك، بل إننا عملنا على نقلهم إلى المواقع بواسطة عدد من الحافلات، وفي ختام ذلك قمنا بإرشادهم حتى يعودوا إلى نقاطهم، مما سهل كثيرا من الأشياء في عملية الأضاحي. في نهاية الموسم أعلن قادتنا أنه كان موسما ناجحا وقد تحققت أهدافنا الكشفية التي سعينا لها، أهمها تفعيل دورنا في مواسم الخير والبركة من أجل خدمة ضيوف الرحمن في أفضل صورة ممكنة ليؤدوا الفرائض بيسر وسهولة.
نجح الموسم، والأجمل من ذلك اهتمام قادتنا والقائمين على جمعية الكشافة بنا كأفراد في الكشافة، كثيرا ما تعتني الجمعية بنا وتأخذ بيدنا تشجيعا لنا، وهذا ما يدفع شباب الكشافة للكفاح والاستمرار في أداء تلك الخدمات الإنسانية.
بعد انقضاء الموسم الماضي قام رئيس المجلس البلدي بتقليد عدد من أفراد كشافتنا، والشباب المتميزين بوجود عدد من قادتنا الكشفيين، ونالت مجموعة منا وهم ثمانية عناصر (أحمد خليل، بكر حمزة، سليمان سليمان، عبدالعزيز الأنصاري، عبدالمحسن محمد، عبدالعزيز عبدالرحمن، علي الأنصاري، مصطفى منقاوي) وسام التميز الكشفي تقديرا لما قدموه من عمل متميز في خدمة الحجاج والمعتمرين والزائرين، والمشاركة أيضا في كل البرامج والأنشطة التي تنفذها الجهات الحكومية والأهلية بمكة وخارجها. كما أنهم قاموا بتكريم زميلنا الكشاف النزيه علي حسن الذي سارع في إعادة مبلغ مفقود من حاجة مصرية الجنسية يقدر بنحو ألفي ريال.
ومن أجل تحفيز شباب وفتيان مجتمعنا للمبادرة في خدمة ضيوف الرحمن بغض النظر عن صغر سنهم، تم تقليد زميلنا الكشاف وائل برناوي وسام التميز الكشفي كأصغر كشاف، حيث بادر في الخدمة الإنسانية وهو لا يتجاوز الـ12 سنة. باختصار، هذا أنا الكشاف.
أيها الكشاف جهلنا دورك فلم نعطك حقك. هذه اللحظات التي نترك فيها المجال لامتناننا الداخلي ومشاعرنا أن توصل مدى شكرنا وليس كلماتنا، فلو أردت أن أعبر بالكلمات لما توقفت، فقط أعطني ورقة وقلما. الآن علمنا ولو الشيء القليل عنهم، وينبغي - على أقل تقدير - أن نعطيهم حقهم من الدعم والتشجيع إن لم نستطع القيام بأكبر من ذلك.
وعلينا أن ندفع بمن يحيطون بنا من الأشبال لكي يسهموا في ذلك العمل الإنساني والروحاني، وفي كل مرة نرى فيها ذلك الكشاف لنتذكر الكلمة الطيبة والدعوة الصادقة. شكرا أخي، شكرا أبي، شكرا بني الكشاف.