حسنا من الواضح أن الشركة التي استنفدت منه الوعود وعشمته بالقبول وأظهروا له الحماسة بعد سلسلة طويلة من المقابلات والتمحيص، قرروا أنه من الطبيعي تركه معلقا. ولكن (عداهم العيب) خاصة أنهم قاموا بإرسال رسالة مفادها بأنهم ما زالوا مستمرين في عمل المقابلات، وأنهم سيقومون بالتواصل معه في حال وصولهم لقرار. يبدو أن شركاتنا متأثرة بالأفلام التراجيدية ذات النهايات المفتوحة. ويبدو للأسف أن ثقافة عدم الوضوح والحسم انتقلت من مجتمعنا وتعاملاتنا لتصبح ثقافة سائدة حتى في شركاتنا ومؤسساتنا. لا يستطيع أن ينكر أنه يشعر ببعض الإحباط خاصة مع الضغط العائلي والاجتماعي الذي يشعره وكأنه عاطل منذ دهور. ولكنه قرر أن يكون عمليا جدا، لذا بدأ في التواصل مع أصدقائه ومعارفه بحثا عن فرص قد تفتح له بابا أو تيسر له تواصلا من خلال إخبارهم بتوفره، وعرض إمكانياته. وكانت خطوة موفقة، حيث إن واحدا من أصدقائه والذي يمتلك علاقات جيدة أخبره بأن إحدى الجهات المعروفة تعاني من مشكلة تراجع إيرادات أحد منتجاتها، وتفكر في زيادة دخلها بطريقة جديدة من خلال استثمار شعبيتهم وقاعدة العملاء الواسعة لديهم. وأنهم يحتاجون لمن يعرض عليهم مجموعة من الأفكار التطويرية. تحمس للموضوع وهو يدرك أن كل ما عليه الآن هو أن يدرس المشكلة والاحتياج بطريقة عميقة، ثم يقوم بعدها بعمل بحث عن أفضل الممارسات المحلية والعالمية لمثل هذه المشاكل وكيف تمت تلبية الاحتياج بطريقة ذكية ومجدية عمليا وماديا. ثم يجمع آراء الناس ومقترحاتهم من المهتمين بهذا المجال ليكون على إدراك ودراية بالرغبات الحقيقية لهم والتي ستدفعهم لاحقا لشراء ما سيعرضه. ليقوم أخيرا بتجميع كل ما سبق وابتكار فكرة جديدة، أو حتى اختيار واحدة غير مطبقة لدينا بعد تعديلها ومواءمتها. وقد قام بعدها بالتوجه لشركة صغيرة متخصصة واتفق معهم على مساعدته في عمل العرض بطريقة احترافية. ومن ثم أن يقدم هذه الفكرة كمشروع للجهة الكبرى من خلالهم بعد أن يتفقوا على بنود واضحة للشراكة التي ستستثمر أفكاره وقدرته على إدارة المشروع، وتستثمر خبرة الشركة في الأعمال وغطائها القانوني. ما كان ليتخيل يوما أن الموضوع سيكون بهذه البساطة. ولم يكن ليصدق أنه لم يتطلب منه أكثر من جرأة على التواصل، الاطلاع على ما يجري في العالم من تطورات وفرص، والأهم الإيمان الكامل بوفرة العمل والرزق لمن استطاع التغلب على الخوف من غير المعتاد، وسعى بثقة ويقين كامل في نفسه وربه نحو التوفيق والمال. heba.q@makkahnp.com