الرأي

السندات والسعودية

عبدالله الجنيد
هل مثل الإقبال الدولي على الإصدار السعودي الأول لسندات الخزانة تصويتا بالثقة في السعودية سياسيا أو اقتصاديا؟ بالطبع إن تجاوز الطلب لحجم الإصدار بحوالي 600% (الإصدار 10 مليارات دولار أمريكي/‏ الطلب كان 67 مليار دولار) هو لأسباب عدة، لكن النتائج كانت لصالح المصدر من حيث تكلفة الدين وحجم الإصدار. حيث من المتوقع أن يبلغ حجم الإصدار 17.5 مليار دولار، أي بأكثر من 70%. وأول دلائل ذلك هو انخفاض مستوى الدين القومي مقارنة بإجمالي قيمة الناتج القومي وملاءة المملكة المالية، بالإضافة إلى أن حجم العجز في الميزانية لم يؤثر على النظرة المستقبلية الائتمانية للمملكة على المستوى المتوسط أو طويل الأمد إن هي التزمت ببرنامج الإصلاح المالي والإداري ضمن رؤيتها 2030. إلا أن للجانب السياسي بعدا متصلا بالإقبال الدولي على ذلك الإصدار. العالم ينظر للمملكة العربية السعودية بشكل ثلاثي الأبعاد، في حين أن المملكة العربية السعودية كانت ولعقود تقدم نفسها بشكل ثنائي الأبعاد (النفط وخدمة الحرمين الشريفين). مما استلزم أن تعيد المملكة العربية السعودية الفصل بين فعل الاقتصاد وأدواته لكن دون المساس بتلك الثوابت الإسلامية والوطنية. ففي إصدارها الدولي الأول بالدولار الأمريكي تحدثت للسوق الدولي من خلال فلسفة الدولة ثلاثية الأبعاد أي المعايير (حجم الإصدار، الجهة المصدرة، العائد حسب كل فئة من الإصدار، وكلاء الإصدار وشفافية العرض). ربما أهم ما تحقق من عملية الطرح تلك هو التسويق المتقدم لعمليات الخصخصة الجزئية أو الكلية المستقبلية. مما يقودنا لأسئلة أخرى أهمها دور المؤسسات المالية السعودية أو حتى سوق المال السعودية من عمليات تمويل مماثلة وتخليق أسواق ثانوية لتلك الأدوات. سياسيا، المملكة العربية السعودية أسهمت بشكل مباشر في التعامل مع تحديات عدم الاستقرار في الشرق الأوسط بمسؤولية مطلقة، مما أكسبها احترام الجميع. ويسجل للمملكة العربية السعودية أنها تعاملت من تلك التحديات من منطلق مسؤوليات الدولة، لا كما حاول الرأي العام الموجه تصويرها “بالقبيلة النفطية”. لذلك علينا الآن رفد نتائج ذلك الاكتتاب في تطوير أدوات دافعة لعملية تمويل التنمية بأدوات السوق المحلية والخليجية لتعطش هذه الأسواق لدور مباشر وفاعل. وكذلك للإسهام بشكل عملي في كسر القالب النمطي الثنائي الأبعاد داخليا كما نجحنا في ذلك خارجيا. لذلك بات علينا واجبا إخضاع كل الخطوات لفلسفة الدولة ثلاثية الأبعاد. aljunaid.a@makkahnp.com