قراءات في حادثة اغتيال المبتعثة ناهد
ووري جثمان المبتعثة السعودية ناهد المانع رحمها الله الثرى بعدما شيعتها حشود غفيرة لم تكن في حسبان المغدورة يوما أن تلك الحشود تستبقها في صالة المطار وفي الجامع وفي المقبرة في مشهد مهيب يغبطها عليه كل من يتمنى لو أنه سيختار الشهادة في سبيل طلب العلم سببا للموت.
الاحد / 24 / شعبان / 1435 هـ - 23:00 - الاحد 22 يونيو 2014 23:00
ووري جثمان المبتعثة السعودية ناهد المانع رحمها الله الثرى بعدما شيعتها حشود غفيرة لم تكن في حسبان المغدورة يوما أن تلك الحشود تستبقها في صالة المطار وفي الجامع وفي المقبرة في مشهد مهيب يغبطها عليه كل من يتمنى لو أنه سيختار الشهادة في سبيل طلب العلم سببا للموت. سنموت جميعا لكن لا نعرف تحت أية ظرف، بعض الظروف كرامة عظيمة لأصحابها تخلد رسائلهم العظيمة وبعض الظروف لعنات خالدة تحل على التاريخ الذي يورثه أصحابها. اغتالت يد الغدر امرأة عظيمة حملت في قلبها هم أمة ووطن سعت أن تفني شبابها في التزود بالعلم والمعرفة وتمثلت لوصية الرسول الكريم «طلب العلم فريضة على كل مسلم». فيما لا تزال تنبؤات ارتباط الأسباب العنصرية للاغتيال غير مؤكدة ولا تزال تحقيقات الشرطة البريطانية جارية للتوصل للجاني الحقيقي ولمعرفة أسباب وقوع الجريمة، وقد سبقها مواطن بريطاني في ذات المدينة بنحو 3 أشهر تم اغتياله بطريقة مشابهة ولا يزال الجاني غير معروف. ما يثير الحدث بصورة سيئة هنا هو محاولة خروج أعداء التنمية الوطنية وأعداء المرأة من جحورهم هذه الأيام للنيل من مشروع الابتعاث ومحاولة جعله السبب الرئيس لاغتيال ناهد ومحاولة إخراج الحادثة عن سياقها كونها لحد الآن تحت تخمين الحالات الفردية. ناهد المانع توفيت وهي بكامل حشمتها ووقارها وهي صفعة قوية لدعاة الفتنة ومؤججي خطب التغريب للمرأة المسلمة، فالمرأة السعودية المبتعثة للخارج في طلب العلم تحضر في كل مشهد متمسكة بدينها وفي كل مكان. كما أن أصحاب تلك الخطابات الغوغاء هم ذاتهم الذين تسارعوا في التأويلات الحقيرة للنيل من المبتعثة المغتالة ومن مشاعر أسرتها الجريحة قبل أن تتضح لهم الصورة الكاملة بدءا من اغتيالها إلى وصول جثمانها لمقبرة الجوف، وهم ذاتهم دعاة منع المرأة من التعليم ومن نيل باقي حقوقها الأساسية في المجتمع. إلا أن الوعي المجتمعي الرافض لأصحاب هذه الخطابات المسيسة بدا ظاهرا في المشهد العام في شجبه واستنكاره لتلك المحاولات غير الموفقة لتشويه مشروع ابتعاث المرأة ومحاولة ربطه بالسلبيات الأخلاقية. فقد برهنت المرأة السعودية على أن استثمار قدراتها في العلم تحول إلى مطلب دولي من خلال عرض الجامعات المرموقة حول العالم لفرص العمل والانضمام للكوادر المؤهلة فضلا عن إسهام المرأة في المجتمع في رفع نسبة الوعي والتقدم الحضاري على كافة الأصعدة. أيضا فإن ما يؤسفني في مشهد تغطية حادثة الاغتيال الغادر هذه هو إذكاء العنصرية على صدر صفحات الجرائد البريطانية الشهيرة كالديلي ميل والمترو والجارديان عبر نشر خبر الاغتيال بعنونة المانشيتات بأن الحجاب والزي الإسلامي قد يكون السبب، وهو ما لا يليق بمقام المدرسة الصحافية البريطانية العريقة، في وقت لا يزال من المبكر جدا ربط الحدث بالعنصرية الدينية وعداء الإسلام خصوصا وأن مقتل المبتعثة ناهد سبقه مقتل لشاب بريطاني في ذات المدينة وبأسلوب مشابه اعتمد فيه الجاني على الخلاص من الضحية بالطعن بسكين. كما وقد وجدت أيضا خلال وسائل التفاعل الاجتماعي التي تعاطت مع الحدث أن غالبية المبتعثين في بريطانيا يجهلون الدور الحقيقي للملحقية الثقافية وللملحق الثقافي. لا يدرك أغلب المبتعثين أنهم وكل كادر الملحقية بمن فيهم سعادة الملحق أنهم رعايا المسؤول عنهم هو السفارة السعودية، وبالتالي فإن الدور المنوط بالملحقية يتعلق بالمسؤوليات الثقافية والتعليمية، والملحق الثقافي ليس إلا ممثلا ثقافيا في البلد الذي ألحق فيه بالبعثة، فلا يناط إليه دور أمني ولا دور سياسي كما أن الجميع خاضعون لقوانين وأنظمة البلد التي يقيمون فيها، ومن ثم فمطالبات بعض المبتعثين المحتقنين للملحقية بإسناد دور متابعة القضية أو تحميلها مسؤولية مآل المبتعثة ناهد المانع رحمها الله ينم عن جهل مؤسف من قبل الطلاب المبتعثين كان من الممكن تجاوزه بموضوعية لو تم الاطلاع على موقع الملحقية الثقافية السعودية في بريطانيا في الانترنت وقراءة المعلومات المدونة تحت تبويب «عن الملحقية».
seham.t@makkahnp.com