أم القرى تنشر بحثا يجادل في حرق البشر والحشرات

 

قبل أن يشغل تنظيم داعش الناس بمسألة الإعدام حرقا بعد تنفيذه هذا الأمر بحق الطيار الأردني معاذ الكساسبة، نشرت جامعة أم القرى بحثا حول الحالات التي يجوز فيها حرق البشر بضوابط، حسبما يرى معد البحث الأستاذ المساعد في قسم الدراسات الإسلامية بجامعة أم القرى أحمد بن ناصر الغامدي. ويستعرض الباحث أدلة التحريم والكراهية في 7 مسائل ليخلص إلى القول إن التحريق بالنار لا يجوز إلا من السلطان إذا رأى المصلحة تقتضي ذلك نكاية أو معاملة بالمثل، أو لمن فعل أمرا منكرا، ويدخل في ذلك الشجر. أما الحيوان فلا يفعل به ذلك، لأنه يعد تمثيلا به وتعذيبا بلا فائدة، إلا إذا استعمله الكفار في العدوان على المسلمين، ولم يوجد بد من التحريق. وأكد في دراسته التي نشرت بموقع الجامعة على الانترنت أن الإسلام دين الرحمة، أمر عند قتل من يستحق ذلك بإحسان القتلة، ونهى عن التعذيب بالنار. ورصد الباحث بالأدلة، موقف العلماء من التحريق في سبع مسائل، هي: تحريق الأعداء في الجهاد: أدلة الإجازة: قوله تعالى: {فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم}. قوله تعالى: {وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به}. سمل النبي عيون العرنيين بالحديد المحمى، قصاصا لسملهم عيون الرعاء. أجازه سفيان الثوري، وخالد بن الوليد. والراجح جواز فعل ذلك بهم إن فعلوه بالمسلمين معاملة بالمثل. أدلة التحريم والكراهية: قال أبو هريرة، بعثنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم في بعث فقال‏:‏ إن وجدتم فلانا وفلانا لرجلين فأحرقوهما بالنار، ثم قال حين أردنا الخروج: إني كنت أمرتكم أن تحرقوا فلانا وفلانا، وإن النار لا يعذب بها إلا الله، فإن وجدتموهما فاقتلوهما. كرهه عمر وابن عباس كراهية مطلقة سواء كان بسبب كفر أو مقاتلة أو قصاص تنوع حسب الحالة: - ابن قدامة: يجوز إن تعذر أخذهم بغيرها. لا يجوز إن أمكن أخذهم بدونها. تحريق أموال الأعداء: أدلة الإجازة: أحرق النبي عليه الصلاة والسلام نخل بني النضير. أمر النبي أسامة بن زيد، رضي الله عنه، بأن يحرِّق. أجاز الجمهور التحريق والتخريب في بلاد العدو. أجاز مالك قطع الشجر والثمار وتخريب العامر، ولم يجز قتل المواشي ولا تحريق النحل. رد الطبري النهي إلى القصد لذلك، بخلاف ما إذا أصابوا ذلك في حال القتال. أدلة التحريم والكراهية: أوصى أبو بكر الصديق رضي الله عنه، يزيد بن أبي سفيان بألا يقطعوا شجرا مثمرا، ولا يخربوا عامرا، ولا يذبحوا بعيرا ولا بقرة إلا لمأكل. فرق مالك بين الحيوان والشجر لأن قتل الحيوان تمثيل به، ولم يأت عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قتل حيوانا. كره الأوزاعي والليث وأبو ثور قطع الشجر المثمر، وتخريب العامر. الراجح عدم جواز تحريق وقطع الأشجار وقتل الحيوان إلا للضرورة. تنوع حسب الحالة: الشافعي: يجوز حرق البيوت والشجر إذا كانت معاقل للكفار، ويكره ما دون ذلك. الإمام أحمد: يجوز إذا كانت في مواضع لا يجدون منه بدا، ولا يجوز إذا كان للعبث. ابن قدامة: يجوز عند الحاجة، ولا يجوز إذا تضرر منه المسلمون. إسحاق: سنة إذا كان أنكى فيهم. تحريق المرتدين أدلة الإجازة: أمر أبو بكر رضي الله عنه، بتحريق المرتدين بالنار، وحرق الفجاءة من بني سليم بالنار. أحرق علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، زنادقة. أدلة التحريم: هي نفسها أدلة النهي عن التعذيب بالنار. الراجح عدم الجواز ويبقى ما فعله أبو بكر استثناء للضرورة. تحريق البغاة وأموالهم لم يجز العلماء تحريقهم وأموالهم، لأن المقصود من حالهم ردهم إلى الطاعة. قال النبي: لا يعذب بالنار إلا ربها ولا يجوز عقر خيولهم إلا إذا قاتلوا عليها، ولا قطع أشجارهم وزروعهم. التحريق في حد اللواط قال النبي: من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط، فاقتلوا الفاعل والمفعول به. أمر أبو بكر الصديق، وعلي بن أبي طالب، وعبدالله بن الزبير، وهشام بن عبدالملك بتحريق اللوطي. ابن عباس: يلقى من أعلى بناء في البلد. اختلف العلماء: منهم من قال يرجم بكرا كان أو ثيبا، وقالوا يعزر، وقالوا حده حد الزاني. الراجح أنه يقتل ولا يحرق بالنار للنهي عنه، لأن التحريق لم يذكر في الحديث، والأصل إحسان القتلة. التحريق في القصاص أدلة الإجازة: قوله تعالى: (فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم). الشافعي: يطرح في النار حتى يموت. أبو حنيفة: لا يقتص إلا بالسيف. حديث العرنيين حيث سمل النبي أعين العرنيين، لأنهم سملوا أعين الرعاء. الراجح: جوازه معاملة بالمثل، لحديث العرنيين. أدلة التحريم: قال النبي: لا يعذب بالنار إلا رب النار. قال النبي: لا قود إلا بالسيف. لا يؤمن الحيف فيجب التحرز عنه، كما في كسر العظم. المماثلة مطلوبة بحسب الإمكان. تحريق الحشرات أدلة الكراهية: قال العلماء: لا يجوز الإحراق بالنار للحيوان إلا إذا أحرق إنسانا فمات بالإحراق. ابن عباس: نهى النبي، عن قتل أربع من الدواب: النملة والنحلة والهدهد والصرد. القرطبي: أبيح لك دفعه عنك بقتل وضرب على المقدار، فإذا آذاك أبيح لك قتله.