قهوة تركي!
الاثنين / 16 / محرم / 1438 هـ - 18:45 - الاثنين 17 أكتوبر 2016 18:45
الإعلام الخليجي غيب نفسه يوم القمة السعودية التركية وهو يجتهد في البحث عن قراءة فنجان، وكلهم يسمع عبدالحليم ويستحضر نزار. وما فات الجميع أن القمة بين دولتين لا مكان للأيديولوجيا الحزبية فيها، بل ترسيم العلاقة بما يخدم مصلحة الطرفين، لذلك ننصح الجميع بوضع فنجان القهوة في جلاية الصحون؛ لأن الحدث سياسي صرف لا علاقة له بلقاء خاشقجي بالرئيس إردوغان، بل بلقاء ولي العهد السعودي بالرئيس التركي الطيب إردوغان.
فعندما احتضنت تركيا مؤتمر الطاقة كانت الأنظار على مشروع «ترك - ستريم» لنقل الغاز، في حين أن العراق وسوريا كانا الملفين الأكثر حضورا فيه. ولم تكن قمة الرياض والبيان الخليجي التركي إلا استتباعا له بما يتناسب وما اتفق عليه من خطوات عملية لتشجيع الاستقرار في المنطقة. أما التطور في الموقف التركي من عملية تحرير الموصل فذلك قد يكون أحد الأجزاء المتفق عليها بين من حضر قمة الطاقة. فإن كان ثمن تخلي روسيا عن بشار هو تسهيلات طويلة الأمد في طرطوس واللاذقية فليكن، لأن ذلك سيعني نجاحنا في احتواء روسيا في حين فشل الآخرون. وفي حال تحقق ذلك فإن القوتين الإقليميتين الأكبر (السعودية وتركيا) تستطيعان توظيف أدوات جديدة قد تجبر إيران على إعادة تقييم موقفها من استقرار العراق وسوريا.
والموقف الأمريكي المعلن من تواجد القوات التركية في باعشوقة العراقية «هو أمر يخص البلدين»، في إشارة واضحة للعراق بوجوب تقبلها للتدخل التركي بعد سماحها لإيران باستباحة كامل الأراضي العراقية.
قمة الرياض لم تكن بين أكبر دولتين ممثلتين «للسنة» أو كونها ردا على تصويت مصر الأخير في مجلس الأمن حول سوريا أو مؤتمر غروزني، وعلى الجميع إعادة قراءة المشهد معتمدين على إخراج ثابتين لهما مدلولاهما السياسي واللغوي (سنة والإخوان المسلمون). فالدول لا تبني علاقاتها على أسس أيديولوجية، بل استراتيجية. أما فيما يخص العلاقات التركية المصرية فإن التاريخ السياسي سيفرض واقعه عندما تقرر الدولتان تحكيم مصالحهما المشتركة، وأمن حوض المتوسط مهم لكلتيهما. أما ذهاب بعض القراءات إلى احتمال قبول أحد الأطراف الثلاثة بوصاية أحد على الآخر، أو استبدال طرف بآخر فتلك سذاجة سذجة.
السعوديون يعشقون القهوة حتى وإن سبح بعضهم بحمد نجاح التجربة التركية ويردها كلها إخوانيا، وذلك أمر لا بأس به إن اقتصر على التعاطي السياسي لا الولائي، أما أن يفسر عدد فناجين القهوة في الميل مصريا أو تركيا فذلك مرفوض، لأن السعودي سيشرب القهوة التي تناسب مزاجه، وانتهى.
اقرأ أيضاً: ما سر كوب الماء المقدم مع القهوة التركية؟
.. وكذلك: اتجاهات الفرص الوظيفية في 2025