طريقا الحرمين والشهير بـ٥٢: خارج عمل مرور جدة!
* (طريق الحرمين): كلما مررت بطريق الحرمين في جدة أتخيله في ذهني - على نحو يقارب الحقيقة - يئن من ألم حرارته الاسفلتية، ومن تكدس الكتل الحديدية العملاقة فوق سطحه: «يا ناس ارحموني، أنا أشيل إيش ولا إيش؟: اللي بينتقلون من حي في الشمال إلى حي في الجنوب، أو المسافرين أو طلاب الجامعة أو المتجهين إلى الدرة والجوهرة والمرجان، أو وايتات الصرف أو الشاحنات وناقلات العمل؟!! وليتكم تركتموني في حال ضيقي، بل زدتوني ضيقا على ضيق وأنتم تتجهون بمعاولكم لتكسير متوحش يطال أجزائي العليا لسنوات، وما يتبعه من تحويلات متصدعة داخ بها رأسي المنهك، هل أنتم صادقون.. قطار؟ هوه أنا ناقص يا جماعة؟ وكل ذلك وأنا لا أجد من رجال (مروركم) أي تعاون.. بل إني لا أراهم..إلا عندما كانوا يطاردون المسرعين قديما، كأنها كل مشاكلي! شوفوا لكم حل يا سادة.. إما تسلموني أرامكو أو تجعلوني (إما خاصا أو عاما)، وإلا فسأترك لكم الديرة، وأهج إلى البرازيل، ولكنني أخشى أن يرميني سكانها في قراع المنتهية صلاحيتها من الدهك والكد«. بؤس هذا الطريق لا حدود له على الإطلاق، ولكن الذي لا أجد له تفسيرا (على الإطلاق.. كذلك) هو الغياب المرير لرجال المرور على ذلك الطريق، رغم أن حجم خطورته وكوارثه وازدحامه لا يخفى على أحد، فما يقارب الـ(37000) سيارة تقطع الطريق كل٢٤ساعة، كما أن عدد المواطنين الذين يستخدمون الطريق من جهة الشرق (فقط) يقارب (المليون)، من الذين يسيرون عليه لأغراض متعددة ليلا ونهارا، حتى أصبحت كل الأوقات بالنسبة له ذروة مستحيلة!! أين هم رجال مرور (جدة)؟ لا نجدهم صباحا ولا نصادفهم مساء، لا نلتقي بهم عند مداخل الطريق أو مخارجه، أو على جانبيه، حتى سيارتهم الوحيدة التي تقف بالقرب من كوبري المطار، لم تعد تمنع شاحنات الموت من امتهان الطريق في كل وقت وحين؟ غيابهم جعل الشاحنات تشتعل حرقا، والسيارات الصغيرة تدخل في علاقات مفجعة مع (الصبات) على جانبي الطرق، والطريق نفسه يتوقف لساعات بسبب حادث انتظر أصحابه سيارة مرور ضلت الطريق! غيابهم لم يجعل لسيارات الإسعاف جدوى وهي تختنق مع المختنقين في اشتعالات الطريق! وجعل صحة مرضى العلل الطارئة على كف عفريت (اسفلتي) لا أمان له! * (شارع 25 الشهير، في أحياء حمدانية جدة): وإذا كان الشيء بالشيء يذكر، فثمة شارع رئيس تتوزع على جانبيه أحياء الحمدانية شرقا وغربا (وهي ما يقارب الـ١٥حيا)، وهو الشارع الذي تعارف أهل المعاناة على تسميته بـ(52). والذي: -1 يمتد لمسافة تصل إلى ما يقارب عشرة كيلومترات. -2 يمثل شريانا رئيسا لشوارع الأحياء الـ١٥على جانبيه. -3 تستقر على جانبيه جميع المحلات والمطاعم والأسواق وأهم المراكز التجارية المتنوعة في تلك الأحياء. -4 يتخلله (20) تقاطعا حيويا، تظل مزدحمة بمتقاطعيها خلال جميع ساعات اليوم. هذا الشارع المحوري (الرئيس) يفتقر إلى مكونين تنظيميين رئيسين: -1 مكون مادي من إشارات مرور وأرصفة وأعمدة إنارة. -2 مكون بشري، يتمثل في الغياب المرير - كذلك - لرجال المرور بالكلية! وغياب هذين المكونين جعل (كل من إيده له): للأقوى من الشاحنات، وللأسرع من سيارات شباب الحي. المشهد الذي يرتبط بالشارع الخمسيني ينم -حقا- عن أقصى درجات الفوضى والعبث وغياب المسؤولية، والتي تفضي إلى حوادث مرورية دائمة، أصبحت من المألوف في يوميات أهل الحي! ليعود التساؤل المؤرق إياه: أين رجال المرور؟ ولماذا لا يظهرون؟ هل ثمة تقاطعات تنوء بزحمتها في كل شوارع العالم بلا رجال مرور؟! هل ١٥ حيا لا يتوفر لسكانها سيارة مرور واحدة؟ أم إن إدارة مرور جدة لا ترى في تلك الأحياء بشرا يعيشون بين (شوارع وطرقات)؟! أم إنها تراهم، لكنها تستخف بحوادثهم ومعاناتهم من فوضى الطريق؟ وأخيرا فإن النثار (الوحيد) الذي أكتب تداعياته، وأنا أعرف سلفا معرفة (الجميع) بنداءاته الحارقة، هو هذا الذي يتعلق بـ(إدارة مرور جدة)، لأنه على مدى ثماني سنوات وجد النداء وغاب المنادى، فلا حياة لمن تنادي!
السبت / 16 / شعبان / 1435 هـ - 23:00 - السبت 14 يونيو 2014 23:00