الرأي

أنشطة الإعلام الحديث وصعوبة تحويلها إلى أعمال مربحة

حنان المرحبي
لم يعد عالمنا الافتراضي على شبكات التواصل مكانا للتواصل والترفيه فقط، ولكن أصبح منصة مهمة للباحثين عن النمو والانتشار وصنع العلامات التجارية والقيمة. في هذا العالم النشط، الفرص كبيرة ومتوفرة للجميع وبتكاليف تكاد تصل للصفر في كثير من الأحيان، والفضل يعود لشبكة الانترنت بصفة عامة ولعمالقة صناعة السوشيال ميديا (فيس بوك، انستقرام، تويتر، واتس اب، إلخ) بصفة خاصة. إن أكثر ما يميز فرص هذا العالم أنها غير محدودة وتسمح بالابتكار والتجديد، وبالاتصال بكل أرجاء العالم (غير مقيدة بالحدود الجغرافية)، ولكن هناك تحديا يواجه العديد من المستخدمين الذين يعتمدون على هذه الصناعة في تشغيل أنشطتهم وأعمالهم، ذلك التحدي يكمن في صعوبة تحقيق مكاسب مادية منها وتحويل الأنشطة إلى نماذج أعمال مربحة. يخطئ كثيرون حينما يعتقدون بأن الطرق التقليدية والتي تتضمن الكسب عبر الإعلانات Adds والاشتراكات Subscriptions تعالج المشكلة. هذه الحلول سهلة وواسعة الاستخدام على وسائل الإعلام، سواء الحديث أو التقليدي. ولكنها غير فعالة، وقد تهدد استقرار المشاريع وبخاصة النامية منها. والمشكلة ليست فقط محصورة على مستخدمي تلك الشبكات، بل تمتد إلى بعض مشغليها. فبنظرة سريعة على صناعة الإعلام الحديث، نجد أن هناك مشاريع تتمتع بقيم سوقية ضخمة (تعكس النمو الكبير في حجم مستخدميها)، ومع ذلك لا تملك نماذج أعمال واضحة أو مصادر دخل مستقرة، من أشهرها تويتر وواتس اب. ما هي معضلة حسابات وشبكات الإعلام بالعموم مع الربحية؟ إن مستخدمي الإعلام الحديث (العملاء) أكثر ما يهمهم هو سرعة الوصول إلى المحتوى (وتجربة العميل المثلى تكون بتمكينهم من ذلك)، وهذا يتعارض مع متطلبات المعلنين. لهذا فإن الإعلانات تشكل مصدر قلق يؤرق رواد أعمال تلك الشبكات، والحال نفسه مع المستخدمين من المشاريع والمشاهير. قد تتسبب الإعلانات في جعل تجربة العميل غير مثلى، أو في أسوأ الأحوال منفرة. فكيف يمكن التعاطي مع المشكلة؟ برأيي، طبيعة هذه الأعمال تجعلها تفتقر إلى التمركز مقارنة بالمشاريع الصناعية التقليدية. ليس هناك وضوح فيما يتعلق بعلاقاتها مع العملاء والأطراف الأخرى التي تتصل بأنشطتها بشكل مباشر وغير مباشر. أيضا، لدى العملاء خيارات متعددة، وحريات تنقل كبيرة بين الشبكات والحسابات وهذا يجعلها تحت تهديد التغير السريع الذي يحدث في أذواق المستخدمين والمتابعين. أما بالنسبة للأنشطة، فغالبا ما تجدها متشابهة إلى حد كبير أو سهلة التقليد، وكثيرا ما ينقصها الإبداع والتجديد. وعلى الرغم من أنه يمكن لأي مشروع بناء ماركة بفترة أقصر وتكاليف أقل عبر شبكات التواصل، لا يمكن ضمان بقائها لفترة طويلة، لكثرة المنافسين وسهولة نسخ نماذج الأعمال المربحة. إذن، في العالم الافتراضي، فرص الابتكار والانتشار كبيرة وغير محدودة، وعلى الرغم من ذلك، يصعب تحويلها إلى نماذج أعمال مربحة، بحلول مبتكرة وغير تقليدية. لكن الأمر ليس بالمستحيل. almarahbi.h@makkahnp.com