فنجان قهوة.. مع الخليفة الرشيد!

في أحد الأيام الجميلة، جلست في حديقة المنزل أستنشق النسيم العليل، فالمدينة التي أعيش فيها حارة قاسية صيفًا، يميل مناخها إلى الحرارة دائمًا،

في أحد الأيام الجميلة، جلست في حديقة المنزل أستنشق النسيم العليل، فالمدينة التي أعيش فيها حارة قاسية صيفًا، يميل مناخها إلى الحرارة دائمًا، إلا في ذلك اليوم الاستثنائي الرائع، جلست في الحديقة وقد جلبت فنجانًا من قهوة مرة المذاق، حلوة المزاج، ذات العبق المنتشي من بحر الكرم، والجود، ظنًا مني أن يخفف ذاك عني، فأغمضت عيني وسبحت في بحر الخيال، فرماني على شاطئ قديم على ما أعتقد أنه من العصر العباسي، فأوغلت أكتشف في هذه البلاد، رأيت هناك قصرًا كبيرًا، نعم بالتأكيد هو قصر الخليفة العباسي! ذهبت أكتشف ذاك القصر فلدي فضول كبير للاكتشاف، خصوصًا أني كنت معجبا بالعصر العباسي، بدأت باكتشاف أروقة القصر الكبير، حتى وصلت إلى مجلس الخليفة، فوجدت حشودا من الناس، فبدأت أمشي الهوينا، حتى لا يكشف أمري، ووصلت إلى مكان يؤهلني للاستماع، فوجدت الخليفة قد اشتاط من الغضب، حتى تفرق عنه الوزراء خيفة منه، ما هذا الأمر الذي جعل الخليفة يشتاط هكذا؟! وبدأ يطالب بتجهيز الجيوش لتأديب الروم، وتوجيه ضربة لا تنساها أرض الروم، فأدركت أنه أتته رسالة من ملك الروم الجديد «نقفور» يطالب فيها بدفع جزية سنوية له، ورد ما كان الروم يدفعونه للخليفة، فعرفت الخليفة، نعم إنه هارون الرشيد! ذاك من طأطأ الروم أعناقهم عند قدميه، الخليفة الذي كان يحج عامًا ويغزو عامًا، ذاك من وطد عز المسلمين ومجدهم في أركان الروم، فأصبح اسمه يجلب لهم الرعب والفزع، فرد الخليفة على الرسالة قائلًا: من هارون أمير المؤمنين إلى نقفور كلب الروم، قد قرأنا كتابك يا ابن الكافرة فالجواب ما تراه بعينك لا ما تسمعه، ما أقوى تلك الرسالة، كما أعجبتني كثيرًا، فسار جيش الخليفة الكبير الذي يرعب من يسمع صوته!! فلم يزل حتى نزل مدينة هرقل، ففتحها فتحًا مبينًا وجاءه نقفور يجر أذيال الهزيمة مطأطئا رأسه عند خليفة المسلمين منحني الهامة من الرعب الذي نزل به، وأذعن لكل الشروط بلا مساومة أو مقاومة، حقًا لا أخفيكم بأني شعرت بنشوة الانتصار، عند ذاك الموقف. عدت إلى وعيي وتذكرت عز الإسلام والمسلمين، عندما كان الروم يهابون المسلمين.. في أكثر من موقف وقصة، يا لله.. ما هذا العز الذي كنا فيه! عندما كان المسلمون كلمة واحدة، ووحدة ليس فيها نزاع ولا تنافر.