الضمير الحي.. باعث الأمانة والصدق والإخلاص
لا شيء أجمل وأقدر على ضبط أخلاق الفرد وتصرفاته وسلوكه وتعاطيه مع الناس والأشياء من حوله من ضميره الداخلي حين يكون حيًّا ويقظًا، وخوفه من الله؛ فالأنظمة قد يكون فيها العديد من الثغرات والجوانب التي يمكن الالتفاف عليها وربما تجاوزها، والإشراف على تطبيقها لن يصل من الدقة إلى المرحلة التي يمكن فيها الإحاطة بكل شيء، والاطلاع على كل شيء، وكذلك المسؤول المعني بالعمل ومتابعته لا يمكن أن يعتمد على نظام المراقبة الآنية والمستمرة؛ ولذا ضمير الإنسان وخُلُقُه واستشعاره لمراقبة الله له في السر والعلن هي بواعث الأمانة والصدق والإخلاص في كل عمل يؤديه
الثلاثاء / 14 / ربيع الثاني / 1436 هـ - 13:15 - الثلاثاء 3 فبراير 2015 13:15
لا شيء أجمل وأقدر على ضبط أخلاق الفرد وتصرفاته وسلوكه وتعاطيه مع الناس والأشياء من حوله من ضميره الداخلي حين يكون حيًّا ويقظًا، وخوفه من الله؛ فالأنظمة قد يكون فيها العديد من الثغرات والجوانب التي يمكن الالتفاف عليها وربما تجاوزها، والإشراف على تطبيقها لن يصل من الدقة إلى المرحلة التي يمكن فيها الإحاطة بكل شيء، والاطلاع على كل شيء، وكذلك المسؤول المعني بالعمل ومتابعته لا يمكن أن يعتمد على نظام المراقبة الآنية والمستمرة؛ ولذا ضمير الإنسان وخُلُقُه واستشعاره لمراقبة الله له في السر والعلن هي بواعث الأمانة والصدق والإخلاص في كل عمل يؤديه.وأذكر هنا إشارة إلى هذا الجانب وردت لدى الأديب مصطفى المنفلوطي رحمه الله في (النظرات)؛ حيث يقول: «أتدري ما هو الخُلُق عندي؟ هو شعور المرء أنه مسؤول أمام ضميره عما يجب أن يفعل، لذلك لا أسمي الكريم كريمًا حتى تستوي عنده صدقة السر وصدقة العلانية، ولا العفيف عفيفًا حتى يعف في حالة الأمن كما يعف في حالة الخوف، ولا الصادق صادقًا حتى يصدق في أفعاله صدقه في أقواله، ولا الرحيم رحيمًا حتى يبكي قلبه قبل أن تبكي عيناه، ولا المتواضع متواضعًا حتى يكون رأيه في نفسه أقل من رأي الناس فيه. التخلق غير الخُلُق، وأكثر الذين نسميهم فاضلين متخلقون بخُلُق الفضيلة لا فاضلون؛ لأنهم إنما يلبسون هذا الثوب مصانعة للناس، أو خوفًا منهم، أو طمعًا فيهم، فإن ارتقوا عن ذلك قليلا لبسوه طمعًا في الجنة التي أعدها الله للمحسنين أو خوفًا من النار التي أعدها الله للمسيئين، أما الذي يفعل الحسنة لأنها حسنة، أو يتقي السيئة لأنها سيئة، فذلك من لا نعرف له وجودًا، أو لا نعرف له مكانًا، لا ينفع المرء أن يكون زاجره عن الشر خوفه من عذاب الناس». السلوك السوي والخلق الفاضل حين يكون مصدرهما الصدق دون تكلف ومراقبة الله وحده، وحين يكونان جزءًا من التكوين الثقافي والاجتماعي للإنسان، أو على الأقل حين يحاول الإنسان توطين نفسه على ذلك بأقوى ما يستطيع؛ فإنه أدعى لاستمرارهما وثباتهما، وأقدر على الصمود أمام مغريات الحياة وأمام ما يمكن أن يتعارض مع أدبيات الفضيلة والخير، ومن هنا يكون الإنسان صاحب مبدأ ثابت بما يتضمنه ذلك من وضع الأمور في إطارها الذي تستحق أن تكون فيه وتقديم المصلحة العامة على كل شيء.