سكان الهنداوية يهجرون حيهم ويستوطنه المخالفون

في الوقت الذي يتصدر فيه حي الهنداوية بجدة، عناوين الصحف المحلية، بين الفينة والأخرى، حاملا أخبار نجاح قوات الأمن في الكشف عن أوكار للفساد تنوعت بين إدارة بيوت للدعارة، من جنسيات مختلفة وأخرى تصنع الخمور وتوزع حبوب الموت لترسم في الذاكرة الحاضرة للمجتمع الجداوي هنداوية تختلف عن تلك التي كانت تحكيها الخالة حياة إبراهيم

u0623u062du062f u0627u0644u0645u0645u0631u0627u062a u0641u064a u0627u0644u062du064a

في الوقت الذي يتصدر فيه حي الهنداوية بجدة، عناوين الصحف المحلية، بين الفينة والأخرى، حاملا أخبار نجاح قوات الأمن في الكشف عن أوكار للفساد تنوعت بين إدارة بيوت للدعارة، من جنسيات مختلفة وأخرى تصنع الخمور وتوزع حبوب الموت لترسم في الذاكرة الحاضرة للمجتمع الجداوي هنداوية تختلف عن تلك التي كانت تحكيها الخالة حياة إبراهيم. حياة التي ولدت في حي الثعالبة، القريب من الهنداوية قبل أن تنتقل إليه، لتمضي عمرا بلغت منه الخمسين، في واحد من أقدم أحياء عروس البحر،وما بين هنداوية تسكن ذاكرة الخالة حياة، وقلة الموارد في ذلك الوقت، إلا أنها وكما وصفتها «كانت آمنة، نستطيع النوم وأبوابنا مشرعة، دون أن نخاف على أنفسنا أو أبنائنا، أو على أمتعتنا من السرقة، فيما تغير الحال الآن لنجد أنفسنا نسكن داخل حديد مسلح، ونغلق أبوابنا، خوفا من السرقات والجرائم».

غرباء وسط المعاناة

لم ينته كلام الخالة حياة، التي تسكن في شارع الفلاح، هي وأبناؤها الثلاثة، وتعيش معاناة لم تستثنها، معاناة تبدأ من المياه وتنتهي عند شركة الكهرباء، دون أن تنسى في أحد فصولها، المرور ببوابة شركات النظافة، تحكي الخالة حياة وهي تبتسم ألما «لولا الظروف المادية الصعبة، لما بقينا في هذا الحي، خاصة وأن أغلب معارفنا وجيراننا، هجروه منذ فترة طويلة، أصبحنا غرباء في مكاننا، نجاور سكانا نيجريين وتشاديين، وبعض الأفغان». مشكلة المياه التي يعاني منها سكان الحي، والتي تضطر أسرة الخالة حياة، للتسجيل في قائمة الانتظار، للحصول على صهريجين كل شهر، في حال انقطاع المياه.

مشكلة الفئران

نجاح التي تعيش مع عمها، الذي يعاني من غرغرينا وقطعت ساقاه، في ظل وفاة الأب وعمل ابن وحيد، اضطرته ظروف العيش للانتقال إلى تبوك، لتجد نفسها مسؤولة بالكامل، عن إدارة المنزل والتعامل مع مشكلات لا طاقة لها بها، ليست المياه أكبرها، إذا ما قورنت بحراس الليل والنهار الواقفين على الأبواب «لا يمكن أن أتجاوز الفأر، حتى يقرر هو الذهاب بعيدا، لأتمكن من الدخول أو الخروج من المنزل»،مشكلة الفئران التي وصفتها نجاح، مشكلة من نوع آخر تشكل واحدة من معاناة سكان الهنداوية، التي لم يتم حلها، رغم «ما ترتب عليها من أمراض وضحايا، ليس آخرهم الطفلة الرضيعة، التي اقتات عليها أحدهم»، كما وصفته نجاح، في حين أعادت الخالة حياة، وجود هذا الكم الكبير، منها بحجم الزبالة المتكدسة على جانبي شوارع الحي، مؤكدة على أن «هذه الفئران تقتات على كل شيء، والزبالة الموجودة في كل مكان وركن، بيئة صالحة لتكاثرها»، إلا أنها عادت لتوضح «مع الأسف شركات النظافة، ليست موجودة بشكل دائم، نراها بين فترة وأخرى فقط»، ولم تغفل الخالة حياة مشكلة السكان الذين وكما تعتقد، «مع الأسف كثيرا ما نرى الزبالة ترمى من البيوت على قارعة الطريق». من جهتها أبانت نجاح، أن نظافة الحي مشكلة أزلية، خاصة وأن أغلب المباني قديمة، وغالبا ما يضطر الأهالي، «لعمل تجديدات وإعادة تأثيث للمنزل، الأمر الذي يكدس كم كبير من النفايات، منها الأثاث القديم، الذي يشكل مخابئ للفئران، أنا شخصيا أضطر لأن أدفع لعمال النظافة لنقل هذا الأثاث من أمام العمارة، للمحجر ورغم أن المبلغ يعد عبئا، لكن أفضل من إقامة منازل للفئران، التي أكلت كل شيء في بيوتنا، حتى الأرضيات».

شوارع ترابية

الهنداوية الحي الموغل في القدم، والذي تعاني شوارعه وأرصفته، برغم قيام أمانة جدة، برصف أجزاء منه، كما أوضحت نجاح، إلا أن «عملية الرصف لم تصل لمنطقتنا، لتحد من مشكلة الفئران، على أقل تقدير»، ومع مشكلة الرصف، يبدو أن شوارع الهنداوية، أيضا لم تخضع كلها للسفلته، وهو ما بدا واضحا، في كلام أيمن ابن الخالة حياة، الذي وجد نفسه، يعلق على المشكلة ليؤكد على «آخر سفلتة للشارع كانت منذ 15عاما». الهنداوية التي تتقاطع حدودها، مع أحياء مطبوعة في ذاكرة كل من يزور جدة، بأحياء تاريخ الحي، وحسب ما ذكرت بعض المواقع أخذ تسميته، نسبة لأول من سكنه من الجالية الهندية، فيما غالبية سكانه من الجالية، اليمنية والمصرية والسودانية. الحي الذي يندرج تحت تصنيف العشوائيات، أخذ على عاتقه تطوير نفسه وتوفير كل ما يلزم ساكنيه، وربما كان أشهرها سوق اليمنة الذي تأبى نجاح الشراء منه، بسبب مستوى النظافة، «الأمانة لديها علم بمخالفات السوق، لكنها تكتفي بالتنبيه»، فيما يأتي «شارع الفصفص»، كما وصفته نجاح واحدا من الشوارع المشهورة في الحي، بسبب كثرة مقالي التسالي والمكسرات به.

دور المجلس البلدي

إلى ذلك، أوضح رئيس المجلس البلدي في محافظة جدة الدكتور عبدالملك الجنيدي، أن المجلس وضمن خططه عادة ما يستعرض بشكل دوري، أبرز المشكلات التي يعاني منها سكان الأحياء القديمة، وبناء على الزيارات ، يتم رفع تقارير للجهات ذات العلاقة، سواء كانت شركة الكهرباء أو المياه، للعمل على حل المشكلة، وسوف يتم استبدال شبكات المياه القديمة، والعمل على استكمال شبكات الصرف الصحي. وأشار إلى أن إدارة الخدمات بالأمانة هي المعنية بحل مشكلة القوارض التي يعاني منها حي الهنداوية.