رؤية ملك.. وشباب وطن..
الاحد / 12 / ربيع الثاني / 1436 هـ - 18:30 - الاحد 1 فبراير 2015 18:30
في كثير من الدول لم یعد یعول الناس كثيراً على صدور الأوامر والمراسيم، لأنھا لا تتجاوز تعيين أفراد مكان أفراد..أو إحداث مناصب وإلغاء أخرى.. ولكنها في بلدي أمست بعون ﷲ ومع مطلع كل عهد جديد وسعيد إن شاء ﷲ، موعداً لفرح وبرھاناً جديداً ومتجدداً على أن الشعب ھو المقصود وھو الموعود دائماً بقرارات الخير. وبعیداً عمن جاء من الوزراء أو رحل من المسؤولين أمراء أو مدراء.. يستبشر الناس في المملكة العربية السعودية خيرا مع كل تغيير أو تعديل، لأنهم اعتادوا أن الهدف أولاً وأخيرا هو مصلحة البلاد وخير العباد. ولعل في التغيير والذي هو سنةُ الحياة، يأتي دائماً الانطلاق والجهد والأمل من أجل بلوغ حاضر زاهر وبناء مستقبل دائم الازدهار، مع كل الحب والتقدير لما مر من أيام كان بلوغ الآمال وتحقيق التطلعات هو هدفها بلا شك. وكم كان الملك سلمان بن عبدالعزيز عبقرياً وملهماً وهو يضخ دماءً شابةً فتيةً ومؤهلةً ومُسلحةً بروح العصر من علم متخصص وممارسة فعلية تولد بعضها خارج نطاق العمل الحكومي، وقد خبرت معاناة التعامل ومشكلات العمل مع الأجهزة الحكومية، وكأن خادم الحرمين الشريفين ـ رعاه ﷲ ـ أراد بذلك ضمن ما أراد أن يحدث ثورة حقيقيةً داخليةً على البيروقراطية والروتين، وليقول لمحترفي العمل الحكومي: لم تعد الساحةُ خلوا لكم بعد اليوم، فقد جاءت إلى أروقة المسؤولية خبرات شابةٌ جديدة، شبت عن الطوق بعيدا عن الرتابة والجمود، ولكنها لن تكون بمعزل عن دعمي ومساندتي لها. ورهاني عليها سيظل قائماً، لأنها بعد ﷲ الأمل الذي يجدد لهذه الدولة المحورية الأهم في المنطقة والمهمة في العالم، شبابها وحيويتها لتبقى بحول ﷲ على مر الأيام قويةً فتيةً يانعةً لتحقيق كل الآمال. يتحقق هذا للشباب في الأرض التي ضرب فيها الشباب منذ فجر النبوة أروع أمثلة الفداء والقوة، فقامت على سواعدهم أعظم دول الإنسانية حضارة ورحمةً ومودة وأخوة. في زمن يتصارع العالم فيه من حولنا، وينقسم مُجزأ بحثاً عن دور للشباب وموقع قدم له في الأجهزة المساعدة أو المجالس البرلمانية المساندة.. وتخمد الثورات، وتجمد الفعاليات.. وما زلوا يبحثون ويتحاورون ويشككون وينظرون، وما زالوا ينقسمون، حتى غدا الشباب قضية من لا قضية له، وما زال الشباب حائرين غائبين.. ولكنهم وإلى جانب عقول الخبرة وأهل الدراية والحكمة في بلادي حاضرون، بفضل ﷲ ثم بعبقرية ملك مُجدد.. ووالد حنون. وكم كان جميلاً ورائعاً إعلان الهدف من كل أمر أصدره خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز في باقة الأوامر الملكية الكريمة، خاصةً تلك المتعلقة بأبناء الشعب السعودي الأصيل بكل وظائفه وفئاته تقديرا لتطلعاته، ووفاءً لحاجاته.. فنالت وكالمعتاد منحةُ الشهرين الموظفين مدنيين وعسكريين.. العاملين منهم والمتقاعدين. ورصدت المليارات لمستحقي الضمان الاجتماعي، وعُدل سُلمُةُ، وحظيت الجمعيات والمؤسسات الخيرية والمهنية المرخصة بنصيب من الخير، وكذلك تلك الفئة العزيزة الغالية من أبنائنا من ذوي الاحتياجات الخاصة، وألُحقت بها قوائم المنتظرين منهم. وهي فئةٌ لم نوفها نحن رجال المال والأعمال والقادرين والميسورين حقها من العناية والرعاية.. حتى وصل الأمر بنفر منا إلى إرسال أقربائهم أو أهليهم من المحتاجين للعناية الخاصة إلى دول عربيةٍ مجاورة أو أوروبيةٍ بعيدة. أسأل ﷲ أن يتجاوز عن تقصيرنا، وأن يلهمنا الصواب في هذا الأمر وغيره، إن شاء ﷲ.. ودعماً للشباب وإطلاقاً لقدراتهم واستغلالاً أمثل لطاقاتهم نالت الأندية الأدبية والرياضية بمختلف درجاتها من الخير نصيباً. وأظنني مصيباً حين أكرر القول: إن الأندية الرياضية ستبقى محتاجةً ومتلهفةً دائماً لمثل هذا الدعم الكريم، طلما بقيت غير مخصصةٍ، وتابعةٍ للدولة، في ظل ما للدولة ـ يرعاها ﷲ ـ من أولويات في الدعم والإنفاق.. بينما هناك موارد كبيرة جامدة يمكن تسخير جزء منها لخدمة قطاع الشباب والرياضة، وهي متراكمة بالمليارات في البنوك وفي كبريات المؤسسات المالية والتجارية الراغبةِ في الإعلان دعاية ورعاية. ومن أجل الشباب والباحثين عن الاستقرار الأمثل في هذا الوطن العزيز الغالي، وفي إطار مشاريع الإسكان رُصد عشرون مليارا لإيصال الماء والكهرباء إلى مخططات سكنية جديدة، بدونهما تبقى دون نفع أو جدوى.. لتنضم إلى سلسلة الأراضي الجرداء المنتشرة في قلب المدن وفي قلب الأحياء، والمكتنزة من أجل غد ينتظر فيه أصحابها يوماً تتعاظم فيه أسعار التراب فيتحول إلى معدن ثمين لا يستطيع الحصول على غباره إلا الأثرياء.. دون اكتراث لما تمثله هذه القطع الخاوية من إعاقة وهدر لكل الخدمات العامة من تخطيط وماءٍ وكهرباء.. التي تتجمد من حولها دون نفع أو منفعة.. ودون أن تُفرضَ على أصحابها زكاة أو ضريبةٌ. وبالتذكير بأمر ﷲ العفو الرحيم كان الختام.. وتحقيقاً للمّ شمل الأسر، جاء الأمر الحاني بالعفو عن سجناء الحق العام.. والتسديد عن المطالبين بحقوق مالية وغرامات. وبالرغم من أن الأمر صدر بما لا يتجاوز نصف المليون ﷼ عن الفرد، إلا أن ذلك سيشكل إجمالياً يصل إلى المليارات من الريالات.. جزى ﷲ خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز خير الجزاء على ما قدم وما سوف يقدم إرضاءً لربه ودينه وأمته.. وجزاه ﷲ خيرا عما قدم لمن شملهم الأمر الحنون.. والذين بقوا ينتظرون الفرج والأمل.. وكنا جميعاً غافلين عنهم، إلا من رحم ربي.. فأنا لا أنكر أن في هذه الأمة بفضل ﷲ أهل خير وأهل وفاء يقدمون في صمت وفي احتساب للأجر من ﷲ والثواب.. ولكننا جميعاً سنسأل يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى ﷲ بقلب سليم، عن مكروب لم نفرج كربه، وعن رقاب لم نفكّها لوجه ﷲ، وعن أسر لم نسهم في إطلاق عائلها فتعبت وكلّت.. أعلم أن هناك جمعيات وجهات أهلية تعمل على شيء من هذا في مجتمعنا الطيب النبيل.. ولكنني أعتقد أنها ليست كافيةً، وربما شغلتنا عن ذلك أموالنا وأولادنا وتجارتنا.. بالرغم من أننا جدا متأكدون أن أحدا من هؤلاء لن يذهب معنا إلى قبورنا.. ولن يشفع لنا يوم العرض.. على ملك الملوك. وصدق ﷲ القائل: «لا خَير فيِ كَثِير من نجْواهم إلِا مَن أمر بِصَدقَةٍ أو مَعْروف أو إصِْلاح بَين الناس» (النساء 115)