الفصل التعسفي في نظام العمل
عقد العمل من العقود الرضائية التي تعقد بين العامل وصاحب العمل. وهذا العقد بطبيعة الحال يوضح العلاقة بين الطرفين بشكل تفصيلي من حيث حقوق والتزامات كل من العامل وصاحب العمل بما في ذلك حالات إنهاء عقد العمل، إلا أن بعض أصحاب الأعمال، ونتيجة للجهل بأحكام نظام العمل، يلجؤون إلى التعسف في استخدام حقهم في إنهاء عقد العمل بمخالفة أحكام نظام العمل وبالتالي هدر حقوق العامل التي كفلها النظام.
الجمعة / 1 / شعبان / 1435 هـ - 21:15 - الجمعة 30 مايو 2014 21:15
عقد العمل من العقود الرضائية التي تعقد بين العامل وصاحب العمل. وهذا العقد بطبيعة الحال يوضح العلاقة بين الطرفين بشكل تفصيلي من حيث حقوق والتزامات كل من العامل وصاحب العمل بما في ذلك حالات إنهاء عقد العمل، إلا أن بعض أصحاب الأعمال، ونتيجة للجهل بأحكام نظام العمل، يلجؤون إلى التعسف في استخدام حقهم في إنهاء عقد العمل بمخالفة أحكام نظام العمل وبالتالي هدر حقوق العامل التي كفلها النظام. وإذا أخذنا بعين الاعتبار أن العلاقة التعاقدية بين العامل ورب العمل علاقة ليست دائمة وأنها ستنتهي يوما ما، فإنه والحالة هذه يجب علينا أن نعرف الطريق القانوني الصحيح لإنهاء تلك العلاقة بشكل لا يخل بحقوق كل من صاحب العمل أو العامل، وذلك وفقا لما قررته المادة (74)من نظام العمل والتي تناولت حالات محددة وعلى سبيل الحصر ينتهي فيها عقد العمل، وهي حالة الاتفاق على الإنهاء بين طرفي العقد، أو انتهاء مدة العقد، أو بناء على إرادة أحد الطرفين في العقود غير محددة المدة، أو بلوغ العامل السن القانونية الموجبة للتقاعد، أو لوجود قوة قاهرة أدت إلى عدم قدرة أحد طرفي العقد على تنفيذه. وعلى الرغم من وضوح هذه الحالات فإن البعض من أصحاب العمل يلجؤون إلى ما يسمى بالفصل التعسفي، وهنا يثور سؤال هام عن ماهية الفصل التعسفي، وكيف يمكن أن نعرف الفرق بينه وبين الفصل المتفق مع أحكام النظام؟ وإجابة على هذا التساؤل نقول: إن نظام العمل السعودي لم يتطرق لتعريف المقصود بالفصل التعسفي، ولكن من المستقر عليه قضاء أن إنهاء العلاقة التعاقدية من قبل صاحب العمل بمخالفة نص المادتين (74، 75) من نظام العمل، وإصداره قرار الفصل بشكل منفرد قبل انتهاء مدة العقد المحدد أو الاتفاق على إنهائه أو إنهاء العقد غير محدد المدة، دون توجيه إنذار للعامل يبين فيه الأسباب التى أصدر على أساسها قرار الفصل فإن الفصل يكون في هذه الحالة فصلاً تعسفياً. وهنا يثور سؤال آخر عن كيفية إثبات أن هذا الفصل تعسفي. في الحقيقة أن عبء إثبات الفصل التعسفي يقع على عاتق العامل، حيث يجب عليه أن يثبت أن قرار فصله تم مخالفا لأحكام النظام وأنه تم بشكل تعسفي، ومن جهة أخرى يقع على صاحب العمل عبء إثبات العكس، بمعنى أن قرار الفصل تم وفق ما قرره النظام، فإذا لم يقدم صاحب العمل ما يثبت أن إنهاء عقد العامل تم وفقا لما قرره النظام، وأنه كان لأسباب مبررة، فإن قرار فصل العامل من عمله يكون قرارا تعسفيا موجبا للتعويض، حيث تترتب عليه آثار قانونية تتمثل في المطالبة بالتعويض والمطالبة بالإعادة للعمل فى العقد غير محدد المدة، وذلك وفقا لما قررته المادة (76) من نظام العمل والتي نصت على أنه: «إذا لم يراع الطرف الذي أنهى العقد المدة المذكورة في المادة الخامسة والسبعين من هذا النظام فإنه يلزم بأن يدفع للطرف الآخر تعويضاً معادلاً لأجر العامل عن مدة الإشعار، أو المتبقي منها، ويتخذ الأجر الأخير للعامل أساساً لتقدير التعويض، وذلك بالنسبة إلى العمال الذين يتقاضون أجورهم بالمعيار الزمني. أما بالنسبة إلى العمال الذين يتقاضون أجورهم بمعيار آخر فيراعى في التقدير ما ورد في المادة السادسة والتسعين من هذا النظام»، وكذلك ما قررته المادة (77) من ذات النظام حيث نصت على أنه: «إذا أنهي العقد لسبب غير مشروع كان للطرف الذي أصابه ضرر من هذا الإنهاء الحق في تعويض تقدره هيئة تسوية الخلافات العمالية، يراعى فيه ما لحقه من أضرار مادية وأدبية حالة واحتمالية وظروف الإنهاء». أما فيما يتعلق بطلب الإعادة للعمل فإنه يجوز للعامل الذي يفصل من عمله بغير سبب مشروع أن يطلب إعادته إلى العمل وينظر في هذه الطلبات وفق أحكام نظام العمل ولائحة المرافعات أمام هيئات تسوية الخلافات العمالية. نخلص مما سبق إلى أن التعسف في إنهاء عقد العمل يشمل كل إنهاء مخالف لأحكام النظام صادر من أي من طرفي العقد سواء كان العامل أو صاحب العمل، ولكن التطبيقات العملية لهذا المبدأ في الغالب تخص الإنهاء الصادر من صاحب العمل وليس العامل، وذلك لقلة وقوعه من جانب العامل وإلى ندرة مطالبة صاحب العمل للعامل بما أحدثه إنهاؤه للعقد من ضرر أمام القضاء، إما بسبب الظروف الاقتصادية للعامل، أو رغبة في العفو والتجاوز.