ولدك مسحور يا خالة!!
يعجب البعض من أم سالم التي بللت وسائدها كمدا وحزنا على ولدها الداشر، الذي ربما سينافس «بل جيتس» لولا عين جارهم «أبو علي الداهية» عندما قضى على مستقبل هذا الشاب الطموح، وأرداه بغمزة عين طريح الأرصفة والمولات، ولا دواء ولا برء يرجى لسالم بعد أن قرأ عليه عتاولة الرقية حتى جفت حلوقهم الفاضلة.
الجمعة / 1 / شعبان / 1435 هـ - 21:00 - الجمعة 30 مايو 2014 21:00
يعجب البعض من أم سالم التي بللت وسائدها كمدا وحزنا على ولدها الداشر، الذي ربما سينافس «بل جيتس» لولا عين جارهم «أبو علي الداهية» عندما قضى على مستقبل هذا الشاب الطموح، وأرداه بغمزة عين طريح الأرصفة والمولات، ولا دواء ولا برء يرجى لسالم بعد أن قرأ عليه عتاولة الرقية حتى جفت حلوقهم الفاضلة. وكم فتاة سحرتها الخادمة، فقصرت في دراستها، وأهملت مساعدة أمها، وتردّى بها الحال حتى صار جنيُّ السحر بأمر الخادمة يمسك «البلاك بيري» أمام وجهها حتى لا تراها وهي تسرق أشياء المنزل، أو تهاتف سائق الجيران، فاستعصت حالتها على أبي ناصر كبير الرقاة، الذي يحج إليه شيوخ الخليج للاسترقاء، كما يروي لزواره دائما، ويفوقه عجبا أن يد الساحر تمتد إلى ملاعب كرة القدم بـ»الدنبوشي». ولا عجب أن تغرد فتاة بريئة، وتكذّب أبا لمى الروقي ـ جبر الله مصابه ـ ورجال الدفاع المدني، وهي ترى في منامها الطفلة عند زربة الحيوانات، وتطالب الجهات بالبحث هناك، ثم شيخ يحلل رؤيا حالم بفوز فريق على آخر، وقبل هذا صاحب رؤى سوق الأسهم الشهير بالرايق، وهو كذلك في نظري، ومؤخرا حالم يكتشف دواء لكورونا. أما مشايخ تفسير الرؤى فيتهافتون بتفسيرات جريئة للأحلام، وقد آتاهم الله بيانا وحسن منطق، وهم على صراط الصدق لا يحيدون عنه، إلا أنه لم يسقط بشار الأسد بعد ستة أشهر حسب أحدهم عام 2012، ولم يعم الثراء شعب السعودية حتى لا يكاد يترك فقيرا إلا فقيرا غير معلوم، في احتراز من الشيخ، حفظه الله وعلمه بضعف إحصاءاتنا، وسيكون الثراء مثلنا ضعيفا في الإحصاء. ونحمد الله أن الحالمين في وطننا ليسوا أنانيين، بل خير رؤاهم يعم كل أرجاء الوطن، ويتجاوزه إلى حل القضايا العربية والإسلامية العالقة. ها نحن يا سادة نعيش في الألفية الثالثة، في عالم صاخب بالإنجازات المذهلة، وما نزال نحيا هذه الأوهام، التي أوصلتنا إلى حالة ميؤوس منها، وخلقت في أعماق نسائنا وأبنائنا جبالا من الخوف من كل شيء، فالعيانون يتربصون بهم والعيانات، والسحرة والساحرات، حتى رافقهم الخوف في مناماتهم، وانعكس على حياتهم سلبا، وليلقِ المنصفون نظرة على الأشرطة المتحركة في قنوات تفسير وتسفير وتشفير الأحلام، ليروا تهافت النساء المسكينات عليها، الأمر الذي جعل أعتى القنوات الفضائية تساير الموضة وتأتي بمفسر لأحلام النساء كل جمعة. نؤمن بالعين وبالسحر وبالرؤيا كما أقرها الدين الحنيف، لكن المغالاة والهوس في عزو كل الأمور إلى العين والسحر، جعلاهما يصلان إلى مرحلة الخرافة التي لا يقرها العقل ولا الدين، وإيهام الناس بتفسير الرؤى بهذه البجاحات المقززة والثقة التي تكاد تجزم لولا الخوف فيستثنون بـ»الله أعلم» فصيّروا الناس إلى الركون وحل مشاكلهم وقضاياهم بالأحلام، حتى عاد المجتمع إلى الوراء، وازدادت أعداد المنتفعين والجشعين سواء في ممارسة الرقية وأكل أموال الناس بالوهم والباطل، أو في تفسير الأحلام الذي أيضا يضيع أوقات الناس في متابعة ما لا طائل من ورائه إلا استفادة مالك القناة في استقطاب اهتمام السذج والساذجات. أجزم أن نسبة كبيرة من طرّاق أبواب الرقاة والمشعوذين يعانون أمراضا نفسية واضطرابات سلوكية، لو استعاذ أهلوهم من الشيطان الرجيم، وراجعوا بهم عيادات الطب النفسي لربما وجدوا العلاج النافع، وأثابهم الله على العناية بمرضاهم، لكن النسق المهرول باتجاه تصديق كل من تمسح بالدين، أعطى أولئك المتمسحين جرأة أكبر حتى ادعوا علاج الأمراض العضوية برقاهم وأوراق السدر الصابونية والعسل التركي الرخيص. ليت علماء الأمة وجهاتها العاقلة يقومون بدورهم في توعية الناس وتنبيههم وإيقاظ عقولهم من غيبوبة الوهم، ومعاقبة كل متاجر بالوهم، والتشهير به على قنوات الإعلام كافة، فالإنسان أعلى قيمة من عبث العابثين.