الرأي

جاستا وعدالة الطرح

آلاء لبني
نعامل أمريكا كحليف، وتعاملنا بشكل آخر. أقر الكونجرس قانون العدالة ضد رعاة الإرهاب المعروف بجاستا، وهو القانون الذي استخدم أوباما حق الفيتو الرئاسي لوقف تمريره، قانون جاستا له أبعاد قانونية سياسية اقتصادية، وفر غطاء رسميا يُمكن عائلات ضحايا الهجمات الإرهابية من مقاضاة دول أجنبية، وفي ذلك خروج عن المعاهدات في العلاقات الدولية الذي تمنح الحكومات حصانة سيادية. على قدر أهمية الحدث رد الفعل الإعلامي ضعيف وهو في الأغلب طرح سياسي ضعيف أو طرح عاطفي سطحي، وبعض الكتاب والاقتصاديين والمحللين بسطوا الأمور، كدعوة سلمان الأنصاري رئيس لجنة شؤون العلاقات العامة الأمريكية السعودية بعدم التهويل من قانون جاستا، وأن إيران هي أكبر المتضررين منه، ألم يسمع بالاتفاق النووي وإنهاء عقوبات إيران، ألم يتابع التغطية الإعلامية ألم يشاهد أوباما عندما سُئل عن اعتراضه على القانون الذي يسمح لأسر ضحايا 11 سبتمبر بمقاضاة السعودية وكيف رد بتأكيد عدم اهتمامه بالسعودية، وكل خوفه على المصالح والمشاكل القانونية التي قد تتعرض لها أمريكا نتيجة أعمالها العسكرية. القانون مفصل على السعودية. وهناك من يدعو لتصحيح الصورة عن السعودية في أمريكا؟! ألا يكفي كم بذلنا في محاربة الإرهاب، كأن 97 رأيا لا تكفي لتظهر حقيقة الوضع. الهدف الحقيقي ابتزاز أموالنا فقط لا غير. تصوير (جاستا) بالسهولة أمر خاطئ، كدعوة بعض الاقتصاديين بترك الانشغال به والاهتمام بالأمور اليومية وبساطة الحياة !! ومحلل آخر دعا لترك القلق، فالدولة تملك المال وتستطيع دفع الأموال لكسب القضايا ويكفي أن نُسقط قضية واحدة يتم التصدي لها لإسقاط القضايا كافة، وبالتالي ليس هناك ما نخشاه!! وآخر رئيس تحرير جريدة يشيد بقوة المملكة وإمكانية الرد الاقتصادي بسحب الاستثمارات وإمكانية بيع الأصول وسندات الدين السيادي لحمايتها من الاحتجاز. وآخر يفسر النظرة الأمريكية ومعرفتها بعدم دعم الحكومة السعودية للإرهاب، وهي ترغب بمحاكمة الشعب فهناك من يدعو لجهاد ...الخ تحليل عجيب!! أمريكا أرهبت شعب العراق وقتلت مليوني عراقي بسبب النفط، واستغلت أفغانستان وشردت الشعوب، وهناك ما زال من مثقفي وأكاديمي السعودية من يطالبها بتأدية دورها المطلوب في سوريا، أي دور؟ أمريكا مثلها مثل روسيا، كلتاهما تبحث عن السلطة والمال فقط. درجة الوعي بالقضية يجب أن ترتقي إلى جوهر الموضوع وليس القشرة، بطرح شامل متخصص في المعاملات الدولية بتغطية من ثلاث زوايا سياسية اقتصادية قانونية. كثير من المحامين بعد أحداث سبتمبر تقدموا لمحاكمة السعودية وبإمكانهم كسب تعاطف 12 عضوا من المحلفين، ولكن إدارة بوش كانت بحاجة لنا لمحاربة الإرهاب الذي صنعته هي بدراما متقنة، أما الآن فالأمور تغيرت، توفر النفط الصخري بكثرة وانخفاض سعر النفط جعل من أموالنا واستثماراتنا هي الصيد الجديد الذي تطمح الرأسمالية الأمريكية إليه. الحديث عن (جاستا) وأن أمريكا ستكتوي بناره يفرض تساؤلا مهما، هل توجد ودائع أمريكية في العراق وأفغانستان مثلا ؟؟ سيتم تجميدها. الحقيقة المهمة بالنسبة لنا مدى تضررنا وليس انتصار اليابان المؤكد في قضية هيروشيما أو ألمانيا ..الخ!!