التعليم.. مليارات بانتظار المخرجات!

قيادتنا الرشيدة تدعم التعليم بشكل منقطع النظير، فقبل 6 أعوام ونيف صدر الأمر السامي بتخصيص 9 مليارات للتعليم، وظهر مشروع الملك عبدالله لتطوير التعليم (تطوير)، ويوم الثلاثاء الماضي صدر أمر بالموافقة على برنامج عمل تنفيذي لدعم تحقيق أهداف (تطوير) مدته 5 سنوات بأكثر من 80 مليارا، حيث تقدمت به الوزارة لتلبية الاحتياجات الضرورية والتطويرية التي تحتّمها المرحلة الحالية والمستقبلية.

قيادتنا الرشيدة تدعم التعليم بشكل منقطع النظير، فقبل 6 أعوام ونيف صدر الأمر السامي بتخصيص 9 مليارات للتعليم، وظهر مشروع الملك عبدالله لتطوير التعليم (تطوير)، ويوم الثلاثاء الماضي صدر أمر بالموافقة على برنامج عمل تنفيذي لدعم تحقيق أهداف (تطوير) مدته 5 سنوات بأكثر من 80 مليارا، حيث تقدمت به الوزارة لتلبية الاحتياجات الضرورية والتطويرية التي تحتّمها المرحلة الحالية والمستقبلية. وينبثق ذلك من رؤية المليك بأن يكون التعليم نموذجاً متميزاً وركيزة رئيسة للاستثمار والتنمية كونه يعد ملهما للعمل التطويري، ويتكامل وتنسجم مع تطلعاته، لتحقيق التنمية الشاملة التي تستهدف الإنسان وتعليمه وتعلمه وصحته وأمنه ورقيه ورفاهيته. وفي المؤتمر الصحفي الأحد الماضي، تم إيضاح كيفية الإفادة من هذا الدعم، ومن أبرز ذلك: إحداث وظائف على المراتب الممتازة والـ15 وكذلك 3500 وظيفة معلمة خلال 5 سنوات، ودعم شبكة الانترنت والمعامل والمستلزمات التعليمية والنشاط الرياضي، أما بناء نحو 3000 مدرسة فقد قدرت التكلفة بأكثر من 42 مليارا! وفيما يخص الوقف الذي صدرت الموافقة السامية بإنشائه، فلم يرد فيه مزيد تفصيل يحدد مكانه وزمانه والمبلغ المخصص له. وأهم ما جاء في ذلك البيان التفصيلي هو ما يتعلق بالجوانب التحفيزية، حيث تم تكليف اللجنة الوزارية للبرنامج لدراسته والنظر في إيجاد حوافز لمديري المدارس وكذلك للمعلمين والمعلمات المتميزين؛ فهي من الأهمية بمكان، فالوضع القائم هو المساواة بين المتميز والمنضبط بالمتقاعس والمتسيّب، وهو ما أحدث إحباطا لدى الفضلاء من المعلمين المتميزين والمثابرين. وفي تصوري أن هناك خللا واضحا في منظومتنا التعليمية، ومنشأ ذلك عدم وضوح الرؤية التي نتطلع إليها، وعدم الإفادة من الخبرات التربوية القائمة في مناهجنا، والاستعانة بالمنظرين من أساتذة الجامعات، وهم -مع كامل تقديرنا لهم- بعيدون عن الميدان التربوي العملي، والأهم هو البدء من حيث انتهى الآخرون. وإذا ما تحدثنا عن المناهج فالحديث ذو شجون، فما زالت تحتاج للمزيد من العناية، والمضحك المبكي أنها ما زالت ورقية، ومن يؤلفها في الغالب أساتذة جامعات، والمفترض الاستعانة بالمدرسين ذوي الخبرة، والذين يعايشون تلك المناهج ويشرحونها لطلابهم، ويدركون مواطن الخلل فيها، ويعرفون الحاجة لتنقيحها بالزيادة والنقصان. وبودي أن تتجاوز الوزارة ما كان يستخدم سابقا، كسياسة التعاميم مثلا والتي فاقت هذا العام 173 تعميماً، مما أوجد خللا كبيرا في الميدان التربوي، خاصة تلك المتسرعة في إلغاء برامج دون أن تكمل سنوات تجربتها واستحداث برامج أخرى أو دمج برامج متعددة في مشروع واحد وإلغاء نظام واستبداله -دون أي مبرر أو مشاركة لعناصر الميدان- بنظام ربما لن يدوم طويلاً، وكل تلك المشاريع والبرامج والأنظمة لا تمثل عملاً استراتيجياً للوزارة. كما يرجى تلافي فرض الاختبارات عديمة الجدوى لافتقادها للتغذية الراجعة تحت مسميات مختلفة مما أرهق إدارات المدارس والمعلمين والطلاب وأولياء أمورهم، على الرغم من أنه كان بالإمكان تصميم اختبار واحد يحقق جميع أدوات القياس المطلوبة بدلاً من تلك الاختبارات التي أتعبت عقول أطفالنا ونفسياتهم، حتى إنها بلغت 6 اختبارات خلال 3 أشهر فقط. كذلك المطابع، ولنا أن نتصور أن الوزارة -التي يصل حجم مطبوعاتها للمليارات- لا تملك مطبعة خاصة لطباعة المناهج، ونتساءل: هل حان الوقت لأن تكون مناهجنا الكترونية بحتة؟! وعلامة استفهام كبرى مفادها كيف تتميز المدارس الخاصة وتستحوذ على 80% من المراتب الأولى في نتائج اختبارات قياس! ويبدو بوضوح وجود مشكلة في توظيف الموارد المادية واستغلالها بطريقة مقننة، حيث يُصرف حاليا 131 مليار ريال من الوزارة لتعليم 6 ملايين طالب وطالبة ما يمثل نحو 22 ألف ريال سنوياً لكل طالب، وبعد احتساب استهلاكات المباني، يكون المبلغ أكبر من تكلفة المدارس الخاصة المتميزة بكثير، فلماذا لا تتميز المدارس الحكومية، وهي التي ينفق عليها أكثر؟! وتساؤل أخير عن الميزانيات السابقة المرصودة للتعليم والتي لم تحقق الحد الأدنى من أهدافها، فـ”تطوير” خصص له 9 مليارات على مدى 6 سنوات (انتهت العام الماضي) والنتيجة “لا تغيير”. ويأمل الجميع في نقلة نوعية تاريخية يجني ثمارها الوطن وأجياله القادمة من البنين والبنات، وأن يسهم البرنامج في جودة التعليم من خلال أداء المعلمين والارتقاء بهم وتجويد عمليات التعليم والتعلم، وتحسين مستويات طلابنا وطالباتنا. فهل يتحقق الأمل؟