دمعة أخرى على آخر المختلفين
السبت / 7 / محرم / 1438 هـ - 20:00 - السبت 8 أكتوبر 2016 20:00
كانت دهشتي عندما رأيتك في المرة الأولى تنافح وتتابع نقاشا جادا كنت كتلميذ مجتهد أعد للحوار عدته، رأيتك تخرج من جيبك قصاصات مكتوبة بقلمك الأحمر عن موضوع حلقة النادي لتلك الأمسية.. تساءلت من تكون؟
وأنت في لبسك المختلف وربطة عنقك الحمراء دائما مسكونا بغربة أكاد أسمعها في لجلجة صوتك ومخارج كلماتك وحروفك. أمضيت عاما أختلف فيه على النادي في الرياض أرى حرصك في المشاركة والحضور المليء بالجدية لا في الجلوس والفرجة أو السماع فقط كما كنت أفعل في جل زياراتي.
كنت ألمس الوحدة في تقاطيع وجهك الذي غالبا ما كان يبتسم لعامل الشاي قبل رئيس النادي، قالوا إنك تناصر الضعفاء وتحب المساكين، وقالوا بأنك تأتي وتغيب وحدك صامتا إلا عند مقارعة الرأي.
أنيسك الكتاب عندما غاب الكثير من رفاقك.. أشعارك تختارها في حب الناس كلهم على اختلاف أجناسهم وألوانهم.
واليوم يقولون عنك وأنت في غيابك مدركين أنك لن ترد كما كنت قويا في حججك وآرائك.
كنت ساهما شارد الذهن كأنك تتأمل أفقا شارف على الأفول وبقي في التاريخ، صافحتك مرة واحدة خلال عام قضيته بين ظهرانيكم، كنت أتعجب من مظهرك فبعض الجلوس بيننا لا يقبلون حتى حاسر الرأس!
كنت ساخرا في صمتك غير آبه بأحد، كأنما الذي يشغلك يرقى عن المظهر والشكليات.
عرفت ممن يعرفك (وقد لاحظت توجس البعض منك)، عرفت منهم حرصك على دينك واعتراضك على فهم البعض الخاطئ لبعض النصوص، وأنك حريص على حفظ القرآن وقراءة التفسير، والمصحف لا يغيب عن مكتبك.
صدمت من أيام وأنا أطالع خبر نعيك في الصفحة الأولى من الصحيفة!
خبر انتزع منى تنهيدة عميقة... فالصفحة الأولى عادة لا تأبه بأمثالك... وها أنت تنتزع اعترافا منا بمكانتك ومكانك.
غيبتك عن ساحتنا حادثة طائشة محت من ملامح مدينتك علامة فارقة طالما رسمت تساؤلا وعلامة تعجب... حزنت بموتك كما حزنت لحياتك.
وداعا صالح المنصور... تولاك الله بعنايته ولطفه وكرمه، وأسكنك فسيج جناته، وأصلح شأننا جميعا في الأولى والآخرة.