تركيا تناقش مرحلة ما بعد سوما
أصدرت الحكومة التركية قرارا باعتبار ضحايا فاجعة منجم الفحم في سوما «شهداء مدنيين» سقطوا خلال تأدية الواجب، وأمرت بصرف التعويضات المالية لهم، والتي قد تصل إلى 350 مليون ليرة تركية في حال ثبتت مسؤولية شركة المباشرة عن الحادثة
الخميس / 23 / رجب / 1435 هـ - 22:30 - الخميس 22 مايو 2014 22:30
أصدرت الحكومة التركية قرارا باعتبار ضحايا فاجعة منجم الفحم في سوما «شهداء مدنيين» سقطوا خلال تأدية الواجب، وأمرت بصرف التعويضات المالية لهم، والتي قد تصل إلى 350 مليون ليرة تركية في حال ثبتت مسؤولية شركة المباشرة عن الحادثة. ويأتي القرار بعد أقل من أسبوع على الحريق الذي شب داخل المنجم وأدى إلى سقوط 301 قتيل، وهو توصيف جديد تعتمده الحكومة التركية ويطلق على الضحايا الذين يسقطون خلال العمليات الإرهابية، وسبق واعتمدته في حادثتي ضحايا الانفجار الذي وقع في مدينة الريحانية على الحدود التركية السورية قبل عام. من ناحية أخرى أعلن المدعي العام التركي، بكير شاهين، الذي يتولى ملف التحقيق في قضية سوما أنه تم توقيف 25 شخصا حتى الآن على ذمة التحقيق، كما تم وبقرار من المحكمة اعتقال وحبس 5 أشخاص بينهم كبار المسؤولين في الشركة التي تستثمر في المشروع. وأشار المدعي العام إلى أن التهم الموجهة لهؤلاء مدرجة في قانون الجزاء التركي، وهي المادة 82 التي تتناول مسألة «الإهمال والتسبب بمقتل أكثر من شخص». وقال المدعي العام إن التحقيقات والتقارير الأولية أثبتت أن الحريق لم يندلع بسبب انفجار المولد الكهربائي ولا بسبب أي عطل كهربائي، كما ذكر وقتها من قبل المسؤولين في الشركة، بل نتيجة اشتعال الفحم في المنجم بسبب درجات الحرارة المرتفعة. وأضاف أنه يركز خلال عمليات الاستجواب على معرفة أسباب عدم تدخل الشركة لإبعاد العمال عن مكان الحادث والتعامل مع ما وصفه عدد من العمال «بالتحذيرات التي قدمناها للمسؤولين حول سخونة الفحم وتبخر وانتشار الغازات السامة في المكان». وأضاف أن 31 مدعيا عاما كلفوا من قبل مجلس القضاة والمدعين العموميين الأعلى بالتوجه إلى المكان والمساعدة على إنجاز التحقيق والاستماع الى إفادة عشرات الشهود بأسرع ما يمكن. ونقل عن نقابة المحامين بمدينة مانيصا، مكان وقوع الفاجعة، أن المحامين الذين كلفوا بالدفاع عن المتهمين يرفضون حضور جلسات الاستجواب احتجاجا على الحادثة، مبينا أنهم كلفوا 5 محامين قبلوا تولي عملية الدفاع عن المشتبه بهم وعن الموقوفين. وفي الشأن السياسي يبدو أن سخونة أجواء منجم سوما التي تراجعت في اليومين الأخيرين ستنتقل هذه المرة إلى الساحة السياسية والبرلمانية، حيث من المحتمل أن يناقش مجلس النواب هذا الأسبوع طلب نواب العدالة والتنمية بفتح تحقيق برلماني حول الحادثة، لكن المعارضة تتحرك للتوحد ومطالبة الحكومة بفتح جلسة نقاشات شاملة تتضمن عمل مناجم الفحم في تركيا بأكملها واتخاذ الإجراءات والقرارات التي تقود إلى الالتزام بالاتفاقيات والعقود الدولية حول العمل في المناجم، ومنها اتفاقية منظمة العمل الدولية التي لم تصادق تركيا عليها حتى اليوم. كما أن المعارضة تخطط منذ الآن لتوسيع رقعة المواجهة مع حكومة رئيس الوزراء رجب طيب إردوغان من خلال التركيز على العلاقة بين شخصيات سياسية في السلطة وبين أصحاب الشركة في محاولة لتصفية الحسابات مع أقرب أعوان إردوغان وعزله. ويبدو أن حزب الشعب الجمهوري المعارض سيتحرك على أكثر من جبهة، خصوصا بعدما قدمت النائبة في الحزب صباحات أكثم كيراز استقالتها من البرلمان إلى رئيس الحزب كمال كيليشدآر أوغلو ليدرسها، وهي التي كتبت عبر التويتر أنه «علينا أن نتوعد من لا يريد أن يتحمل المسؤولية السياسية، فلا حاجة لنا بهذه المقاعد لنجلس جنبا إلى جنب مع من لا يريد تحمل المسؤولية». من جانبه، حذر الوزير حسين شليك، أقرب أعوان إردوغان، من أن البعض سيحاول استغلال مثل هذه الأحداث لتصفية حساباته السياسية مع الحكومة، لكن الإعلامية أصلي تاشباش تقول إننا سنتابع بالتفصيل خطوات الحكومة في الأيام المقبلة كيف ستتصرف، وما القرارات التي ستتخذها أثناء التعامل مع هذه الفاجعة. أما الكاتب توغلا شاردنان فقال إنه بعد تصريح وزير الطاقة التركي تانير يبدو الذي أمضى 5 أيام في مكان الحادث يتابع عمليات الإنقاذ وهو يتحدث عن الدرس السياسي الذي علينا الاستفادة منه، فنحن سنتابع تصرفات حكومة إردوغان والخطوات التي ستقدم عليها للاستفادة من هذه الحادثة، لكن الإعلامي مصطفى قره علي أوغلو المقرب من الحكومة يرد بأنه بعد فاجعة صوما فإن درجات التسامح تراجعت حيال من يتسبب بوقوع أحداث من هذا النوع، فالشارع التركي لن يقبل بعد اليوم التغاضي وأن يدفع وحده ثمن سقوط القتلى بهذا الشكل.