ورحل الباشا
نعم «باشا» بالمعنى الراقي للكلمة، فالسيد أمين عطاس كان رجلا عجيبا، فقد كنت أراقبه منذ صغري وأرى حوله هالة من الاحترام والهيبة، وكنت أنسبها لما يتقلده من المناصب الرفيعة في الدولة وأظنها شيئا مرتبطا بها، ولكنه ولسنوات طويلة بعد أن ترك المناصب والعمل الحكومي ظلت هذه الهيبة وهذه الهالة محيطة به، وعندما نضجت علمت أن مرجعها لحسن خلقه، وعفة لسانه، والنور الذي يملأ قلبه بالخير للآخرين، فهو رجل من النسيج المكي الأصيل.
الخميس / 23 / رجب / 1435 هـ - 23:00 - الخميس 22 مايو 2014 23:00
نعم «باشا» بالمعنى الراقي للكلمة، فالسيد أمين عطاس كان رجلا عجيبا، فقد كنت أراقبه منذ صغري وأرى حوله هالة من الاحترام والهيبة، وكنت أنسبها لما يتقلده من المناصب الرفيعة في الدولة وأظنها شيئا مرتبطا بها، ولكنه ولسنوات طويلة بعد أن ترك المناصب والعمل الحكومي ظلت هذه الهيبة وهذه الهالة محيطة به، وعندما نضجت علمت أن مرجعها لحسن خلقه، وعفة لسانه، والنور الذي يملأ قلبه بالخير للآخرين، فهو رجل من النسيج المكي الأصيل. كان رحمه الله يحافظ على التوازن في حياته، فيخوض مع من يخوضون في الدرس ويبرز، ويخوض مع من يخوضون في الإدارة وفي تسيير الأمور ويبرز، وكان يعطي وقته للأصدقاء للتسلية، فكنت أشاهده مع والدي في غاية السرور، حتى يظن الناظر لهما أنه ليس لهما عمل يقومان به أو ما يشغلهما، مع العلم أن كل منهما كانت له مسيرة طويلة من الأعمال، فهو من الرجال الذين تشهد فيهم صورة المسلم المحببة إلى النفس، الذي يأخذ من كل شيء بقدر، فعندما يتعبد تراه متبتلا، وعندما يعمل تجده وكأنه لا يحسن إلا عمله، وعندما يلتحم بالأصدقاء وبالعائلة تراه فردا منهم، يخدمهم جميعا من أكبرهم إلى أصغرهم، فهذا هو الإسلام، وهذه هي سنة الحبيب صلى الله عليه وآله وسلم. فنسأل الله له الرحمة الواسعة، وألا يحرمنا أجره وأجر من رحلوا من قبله، ولا يفتنا من بعدهم، وأن يحسن الخاتمة لنا جميعا على ما يحبه الله ويرضاه، وينزل رحماته على الفقيد الحبيب السيد أمين عقيل عطاس، وأن يجمعنا به في دار الحق على حوض الحبيب المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم، غير خزايا ولا مفتونين.. آمين يا رب العالمين. رحمك الله يا باشا، وأسكنك فسيح جناته مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.