الرئيس الأمريكي يحتاجنا دائما
الجمعة / 6 / محرم / 1438 هـ - 20:45 - الجمعة 7 أكتوبر 2016 20:45
تعودنا كسعوديين حكومة وشعبا عند اقتراب الانتخابات الأمريكية أن نكون جزءا من اللعبة وإن دل هذا على شيء فإنما يدل على أهمية المملكة العربية السعودية لدى المواطن الأمريكي قبل الحكومات التي تأتي وتذهب.
المواطن الأمريكي الذي له الكلمة العليا والذي يحاول كل مرشح أن يغني له على ليلاه، وقد جاءت أغنية قانون جاستا لتكون الأبرز في موجة الغزل بين المرشحين والمواطن الأمريكي.. والأكيد أن هذه الأغنية ستفقد بريقها بانتهاء الانتخابات الأمريكية.
الرئيس الأمريكي القادم وحزبه سيضعان قانون (جاستا) جانبا، لا سيما أنه موجه ضد بلد يملك ثاني احتياطي نفطي في العالم (267 مليار برميل) بعد فنزويلا التي تملك 297 مليار برميل.
الرئيس الأمريكي القادم يعلم جيدا أن البترول سيظل السلعة الاستراتيجية الأولى لثلاثة عقود قادمة على أقل تقدير، ويعلم أن برنامجه الانتخابي هو وحزبه يرتكز على مدى رفاهية المواطن الأمريكي وزيادة مدخراته، هذا المواطن ينعم هذه الفترة بسعر بترول مريح جدا يعود الفضل فيه إلى السياسة البترولية السعودية التي أعلنت غير مرة التزامها باستقرار السوق البترولية العالمية، وعدم استخدام البترول كسلاح استراتيجي، هذا الموقف المتزن والمسؤول يجعل أي رئيس أمريكي يتعاطى في الواقع مع المملكة بطريقه تختلف عن لغة المنابر والعواطف.
الرئيس الأمريكي القادم لن يستطيع تخطي وتجاهل تبادل تجاري يفوق 4 تريليونات دولار سنويا بين البلدين قابلة للزيادة بشكل غير مسبوق مع الرؤية السعودية 2030 الكفيلة بعلاج أوجاع الاقتصاد الأمريكي خلال الفترة القادمة والذي سينعكس إيجابا على المواطن الأمريكي حجر الزاوية والذي يحتاجه المرشحون كل أربع سنوات.
سياسيا، العلاقة بين البلدين بدأت عام 1932 وكان التنسيق بينهما دائما موجودا، نعم هناك تقاطعات حيال بعض المواضيع، ودائما يستطيع البلدان تخطيها، وزادت أهمية المملكة لأمريكا في الآونة الأخيرة عند إعلان أمريكا ودول العالم الحرب على الإرهاب، فبدأ التنسيق على أشده بين البلدين باعتراف الإدارات الأمريكية المتعاقبة، وأجزم أنه لا يوجد بلد يستطيع مساعدة أمريكا في العالم كالمملكة العربية السعودية، سواء في مجال تبادل المعلومات، أو بفضل موقع المملكة الاستراتيجي الذي يساعد أمريكا على التعامل بفعالية أكثر مع موضوع الإرهاب.
أمن إسرائيل لن يكون في مأمن عند اهتزاز استقرار المملكة، ولك أن تتخيل حجم الفوضى التي ستعم المنطقة قياسا على كثافة سكان المملكة الذين سيتجهون شمالا، ولن يستطيعوا العيش في صحاري مقفرة، ولعمري أن الموج سيجرف كل من يعترض طريقه بما في ذلك إسرائيل.
المملكة العربية السعودية بلد له وزنه، واللعب باستقرار المملكة كاللعب بالنار، ومهما بلغ الغباء السياسي لدى الأمريكان أو غيرهم فلن يصل إلى حد المجازفة بأمن أوطانهم على الأقل خلال الثلاثين سنة المقبلة.
إن الثلاثين سنة المقبلة بالنسبة للسعودية يجب أن تكون سنوات بناء حقيقية لوطن ومواطن لا مجال فيها لإضاعة الوقت، يجب خلال هذه السنين - والتي ستمر سريعا - بناء وطن ومواطن قادرين على مواجهة رياح عاتية ستأتي من كل اتجاه، وسيكون ذلك تدريجيا متزامنا مع فقد البترول بريقه التدريجي، وبالتالي نفقد أهميتنا بالنسبة للعالم.
الوضع خطير! آمل تصوره والعمل بجد وروية قبل أن تتداعى علينا الأمم كتداعي الأكلة على قصعتها.