إهداءات الكتب لا تقل عن مضامينها وبعضها يحمل طابعا مختلفا
إهداءات الكتب متن آخر لا يقل في أدبه عن مضمون الكتاب، خاصة إذا كان ذا دلالة، بعيدا عن التقليدية، وهذه الفكرة ليست جديدة في الأدب العربي، فقد عُرفت مؤلفات منذ العصر العباسي أهداها مؤلفوها إلى بعض الخلفاء في ذلك العصر.
الاثنين / 20 / رجب / 1435 هـ - 23:00 - الاثنين 19 مايو 2014 23:00
إهداءات الكتب متن آخر لا يقل في أدبه عن مضمون الكتاب، خاصة إذا كان ذا دلالة، بعيدا عن التقليدية، وهذه الفكرة ليست جديدة في الأدب العربي، فقد عُرفت مؤلفات منذ العصر العباسي أهداها مؤلفوها إلى بعض الخلفاء في ذلك العصر.
الإهداء للأشخاص
ومن أبرز أشكال الإهداءات المتداولة مع اختلاف الأسلوب والفكرة، الإهداء للأشخاص؛ كالأم، والأب، والأبناء، والزوجة، أو الأصدقاء، وهذا الأكثر تداولا، ومن نماذج الإهداء للزوجة «رواية 7» لغازي القصيبي التي صدرها بقوله «إلى من تحملت شطحات الشاعر، وكوابيس الروائي، ولؤم البيروقراطي». وفيما أهدى علي الدميني روايته «الغيمة الرصاصية»: إلى» فوزية العيوني.. رفيقة سفر الحروف وألق المغامرة»، أهدى ماجد العتيبي نصوصه «بأقصى زرقة ممكنة» إلى جدته قائلا: إلى جدتي حفظها الله، لتجاوزك المائة بكل جدارة، لصعودك الدرج باقتدار، لذاكرتك الجيدة ويقين حواسك، لكل هذه السنوات من الصلاة والحناء، تحويشة الشعر هذه. وقد يهدي الأديب كتابه إلى أديب آخر؛ كما أهدى الروائي أحمد الدويحي روايته «وحي الآخرة» إلى محمد الثبيتي، وأهدى عبده خال روايته «فسوق» لهاشم الجحدلي قائلا «إلى هاشم الجحدلي: نقف معا في مكان رث لنستنشق هواء فاسدا».
طابع مختلف
ومن الإهداءات للأشخاص التي حملت طابعا مختلفا عن المعتاد، إهداء الكاتب أدهم شرقاوي كتابه «كش ملك» إلى مدرس اللغة العربية الذي قذف دفتر التعبير في وجهي وقال: ستموت قبل أن تكتب جملة مفيدة!. كذلك إهداء عادل الحوشان في مساء يصعد الدرج مما قال فيه: إلى فهد أبو صيدة الذي لا أعرف عنه سوى أنه قفز لإنقاذ متضرر من حادث مروري في الطريق المعاكس قادما في وقت متأخر من نوبة عمل، إليه بعد أن وضع قدمه في الفراغ بين الحاجزين الإسمنتيين ليهوي في أوحش الأودية على الإطلاق من على ارتفاع أكثر من 70 مترا إلى الأرض ليشخص الطبيب وفاته في أحد المستشفيات القريبة بتوقف النفس..».
الإهداء إلى مجموعة
وقد يهدي الكاتب كتابه لمجموعة من الأشخاص دون تحديد، كإهداء طه حسين، الذي صدّر به كتابه «مع أبي العلاء في سجنه» قائلا:» إلى الذين لا يعملون، ويؤذي نفوسهم أن يعمل الناس.. أهدي هذا الكتاب»، وعبده خال الذي أهدى روايته «نباح» بقوله:» لكل أوغاد العالم.. لعنة كبيرة». كذلك غادة السمان أهدت روايتها كوابيس بيروت بقولها:» أهدي هذه الرواية إلى عمال المطبعة، الذين يصفون في هذه اللحظة حروفها رغم زوبعة الصواريخ والقنابل، وهم يعرفون أن الكتاب لن يحمل أسماءهم....».
الإهداء للبلدان
ومن الإهداءات للبلدان إهداء أحلام مستغانمي لكتابها «الكتابة في لحظة عري» للجزائر قائلة:» لأنني لم أمنحك غير الكلمات، تذكري أنني أحبك جدا، إنني أشعر أحيانا بالخجل وأكاد أطلب منك العفو؛ لأنني لا زلت على قيد الحياة ولست ضمن قائمة الشهداء، إليك يا جزائر أمنح سنواتي الإحدى والعشرين، في عيدك الواحد والعشرين. ويشابه إهداء مستغانمي إلى حد ما إهداء عبد الواحد الأنصاري في روايته «كيف تصنع يدا» التي صدرها بقوله: «إلى تلك الأصقاع الصحراوية التي عاش فيها أجدادي، وجاء منها أبي، وإلى هذه الأصقاع الصحراوية التي عشت فيها، وسيجئ إليها أحفادي.. إلى الأقلية النادرة التي أمثلها، والأكثرية الكاثرة التي لا تعرفني».
أهمية عتبات النص
ويضم النقاد إهداء الكتاب إلى «عتبات النص»، أو ما يسمى بـ «النصوص الموازية» التي تشمل أيضا: العنوان، والرسومات التوضيحية، وافتتاحيات الفصول، وغير ذلك. وكانت هذه العتبات محل اهتمام النقد الأدبي الحديث، يقول الدكتور معجب العدواني في كتابه « تشكيل المكان وظلال العتبات»: تتجلى العتبات بوصفها تلك العلامة التي تحيل إلى واقع، إذ نخطو عليها من الخارج إلى الداخل، وهي أشبه بعتبة المنزل التي تربط الداخل بالخارج، وتوطأ عند الدخول، المكان الذي لا غنى عنه للداخل إلى المنزل، في حين لا يمكن لذلك الداخل أن يطأ كل جوانبه حتى يثبت دخوله فيه».