انتفاضة مرضى تويتر: تلاحم السعوديين ونشيج إذاعة القرآن!
بعدما فتحت تغريدة المريض إبراهيم انتفاضة للمرضى السعوديين، بادرنا المريض فهد كمغردين بصورته وهو «يدق» التحية العسكرية لنا يخبرنا عن معاناته المزمنة في الفشل التنفسي، وعلى الفور فتح المغردون السعوديون هاشتاق #فهد_يعاني_من_فشل_بالتنفس،
الاثنين / 20 / رجب / 1435 هـ - 00:00 - الاثنين 19 مايو 2014 00:00
بعدما فتحت تغريدة المريض إبراهيم انتفاضة للمرضى السعوديين، بادرنا المريض فهد كمغردين بصورته وهو «يدق» التحية العسكرية لنا يخبرنا عن معاناته المزمنة في الفشل التنفسي، وعلى الفور فتح المغردون السعوديون هاشتاق #فهد_يعاني_من_فشل_بالتنفس، كل ما يرجوه فهد هو جهاز أكسجين باهظ الثمن تبلغ قيمته 17000 ريال سيمكنه من الخروج للحياة ليتحرك ويكمل دراسته. انتفاضة مرضانا السعوديين خلال تويتر الموجهة لنا كمجتمع لا تريد منا سوى ضرب المثل الأعلى عالميا بقيم التراحم بيننا بعدما جمعتنا وسائل التواصل الاجتماعي وتصدرنا قائمة المتواصلين عالميا بسبب القيود الاجتماعية، وقد وصلت أصداء التفاعل مع المريض إبراهيم إلى الإندبندنت البريطانية وكتبت تقريرا رائعا عن تفاعل المغردين معها. قبل فهد وسعود وغيرهم من المصابين بالأمراض المزمنة، كان يأس إبراهيم مفتاحا من مفاتيح أبواب رحمة السماء فتحت الأمل لجيوش من المرضى السعوديين الذين لم نكن لنعلم عنهم أبدا. مشكلة المرض المزمن أنه موت متعفن، لكنه يستمد حياته من حياة المريض، يطول عمر الصراع بين المريض والمرض بمعركة نيل كأس الصحة فيمل المترقبون من طول الانتظار بمن فيهم أقارب الدرجة الأولى أحيانا، لأن الأصدقاء ينشغلون والأحبة يتمأملون من طاقة المرض السلبية. ظهور عشرات لحالات مرضية مزمنة على أسرة المستشفى دفعهم الأمل والرجاء جعلني أتساءل عن مستوى مؤشر الرعاية الصحية في المستشفيات التي تحتضن أصحاب الأمراض المزمنة: ترى هل من رعاية نفسية وبرامج ترويجية ترفيهية بالمعنى الصحيح لها عمر مسلسل «إيست أندرز الإنجليزي»، وهو مسلسل تعرضه بي بي سي الإنجليزية كأطول دراما يتجاوز عمرها للآن 30 عاما؟! لم أجد من الخدمات النفسية والاجتماعية المقدمة للمشلولين على الأسرة منذ أعوام سوى حرص طاقم التمريض على تنظيف المريض وتركه في أفضل الأحيان رهن إذاعة القرآن الكريم ببعض برامجها التي تزيد المستمع زهدا واكتئابا وكراهية للدنيا أحيانا بما تقدمه من تراتيل قرآنية لمقرئين تصيب أصواتهم المستمع بالاكتئاب حقيقة! لماذا تصر الإذاعة على إذاعة قراءات مثل أولئك الذين يقرؤون القرآن بحزن مرير أو أولئك الذين يؤدون الآذان ببؤس؟ الترتيل المطمئن هو ما يبهج النفس المريضة، وإذا تجاوزنا مسألة التراتيل بالنشيج الحزين فإننا نقع في مسألة ندوات الإذاعة من زخم دعوي لا يزال أسير خطابات الزهد والتذكير بالموت في عصر يبتهج حولنا بالصراع الاقتصادي المنادي بمشاركة عقول الجميع بمن فيهم المشلولون شللا كليا! ففي الغرب لا يتم تزهيد أصحاب المرض المزمن في الحياة، أو سكب أكوام النصائح الدينية على رؤسهم، بل يؤمن المجتمع هناك بأن لديهم طاقات ضِعف طاقات الأصحاء نبعها أن المرض «خزنها» ومن ثم فالجامعات ومراكز البحوث والأيدي العاملة في الغرب مزيج من استثمارات طاقات الأصحاء والمرضى! لجان المرضى وبرامجهم التطوعية غير كافية لامتصاص أحزان هؤلاء المرضى، مستشفياتنا مقصرة جدا في فتح الأفق أمامهم، تقديم الطعام الزهيد 3 مرات يوميا وتغيير ملاءات الأسرة غير كاف أبدا، وضع أجهزة التلفاز في المستشفيات على القنوات الدينية استثارة حقيقة للحزن المرير في أنفس المرضى لأن المريض ليس بحاجة للتفقه في الدين، فالمستشفى ليس بمعهد ديني مسؤول عن تخريج مريض بدرجة عليا في تخصص ديني! ولا مغسلة تجهيز موتى يحرص بعض الوعاظ فيها من الزوار على توزيع منشورات تجهيز الموتى وكواليس الحياة البرزخية! وكل من يرتاد المستشفى في بلدنا مسلمون على الأغلب. متى نفقه أن أكثر الأماكن حاجة للترفيه والفرح وتوزيع الابتسامة ونشر برامج الشراكة الاجتماعية وتوصيل ضجيج الحياة البهية الخارجية للداخل هي المستشفيات؟! انتفاضة أصحاب الأمراض المزمنة من السعوديين على تويتر تفتح لنا ملفات من كافة الأشكال والألوان التي ربما لم يتح لنا الوقع في المرض مواجهتها. أخيرا فإن الوعي بالقوى الفردية والثقافية والاجتماعية في مجتمع المرضى من شأنه أن يجعلنا نفهم أسباب الحاجة للتفاعل معها بإيجابية لأن هذه هي الخطوة الأساسية لبناء خطط تنفيذ التغيير. ماذا علنا نرجو من مكان إقامة مع مرض طويل الأجل قد يكون محليا أنا وأنت أيها المواطن والمسؤول يوما ما؟!