الرأي

نور غادر النور

باسم طارق جمال
المهندس الدكتور أحمد بن ظافر -رحمه الله- أبومحمد، كان من مهندسي شركة أرامكو والذي أشرف على مشاريع أرامكو في أماكن كثيرة من البلاد وآخرها كان في المنطقة الجنوبية. وهو لم يتوان في الاستمرار في الخدمة والتردد على المنطقة حتى بعد بدء الحرب وأخبار بعض التعديات على الجنوب، بل استمر في عمله الدؤوب بما عهدناه منه من حسن توكل على الله تعالى وتسليم كامل له. وبالفعل ما أصابه من رحلاته المتكررة أي أذى، وأكمل عمله هناك إلى آخر لحظة بما يرضي ربه، وبما من شأنه أن يؤدي إلى الارتقاء بوطنه ورفعة شأنه، ولكن قدر الله أن يصيبه أحد أشد الأورام وأسرعها انتشارا. أحد الأورام التي يقف أمامها الطب إلى اليوم عاجزا عن فهمها والتصدي لها. أخذ أخونا الحبيب أبومحمد بأسباب العلاج وتوجه إلى أفضل مراكز العلاج بالوطن، بل وفي كل منطقة الخليج. بدأ بالعلاج وتحمل جلسات الإشعاع والعلاج الكيماوي شهرا تلو الآخر إلى أن بدا جليا أن علاج الورم غير ممكن، فسلم أمره لبارئه حتى وافته المنية في أحد ليالي العشر الأخيرة من رمضان. يشهد له أهل الحي بأنه من أهل الصف الأول في صلاة الفجر، وإن لم يكن هناك فهو في أحد مهامه في الإشراف على مشاريع لنهضة هذا البلد ونموه. كان الفقيد -رحمه الله- صاحب قلب كبير بكل ما تحمله الكلمة، فكلماته طيبة ووجهه مبتسم وأدبه جم وكرمه أصيل ونفسه مطمئنة. رأيته في آخر مراحل العلاج وقد بدت علامات استحالة علاج الورم وابتسامته الصافية هي هي لم تغادره، لا توتر في صوته ولا جزع على محياه، فقط طمأنينة وطيبة تسع المئات بل الآلاف من أهل هذه الدنيا. تشرفت بجواره في حي النور، وكما أن أهله وأبناءه فقدوا قريبا وحبيبا لهم كذلك فقد الوطن ابنا بارا له، وفقد أهل الحي أخا حبيبا وجارا فاضلا ورجلا صالحا ولا نزكيه على الله. نستودعه رحمة رب العالمين، ونعزي فيه ذويه وزملاءه وجيرانه وحي النور، وكل مكان سكنه الفقيد بروحه الصافية وقلبه الطيب وابتسامته المشرقة التي لم تغادر محياه إلى آخر أيامه. اللهم اسدل عليه من رحمتك وغفرانك واسكنه فسيح جناتك. تركت في قلوبنا أبو محمد ذكرى عطرة مع جرح عميق بلسمه بركة ليالي العشر الأخيرة من رمضان التي غادرت فيها روحك الطاهرة هذه الأرض وعلى أمل أن نجتمع بك في خير ورحمة ورضوان من رب العالمين بعيدا عن ضجيج هذه الدنيا ومشاغلها، فمن أجود ما جادت به علينا هذه الدنيا هي صحبة طيبة كصحبتك وأخوة صادقة كأخوتك.