صراع مؤدلج لصالح أجندات!
لا شك أنه من الصعوبة بمكان أن أفرد كامل فكرتي في هذه الزاوية الضيّقة، ولكن حسبنا من القلادة ما أحاط بالعنق، وكما قيل الخط ما قُرئ والباقي صنعة، ونقيس عليه قولنا الصوت ما سُمع والباقي إزعاج، وبالتالي سأوصل فكرة هذا المقال بشكل مختصر، وأترك التفاصيل لسعة أفق القارئ الكريم.
السبت / 11 / رجب / 1435 هـ - 22:45 - السبت 10 مايو 2014 22:45
لا شك أنه من الصعوبة بمكان أن أفرد كامل فكرتي في هذه الزاوية الضيّقة، ولكن حسبنا من القلادة ما أحاط بالعنق، وكما قيل الخط ما قُرئ والباقي صنعة، ونقيس عليه قولنا الصوت ما سُمع والباقي إزعاج، وبالتالي سأوصل فكرة هذا المقال بشكل مختصر، وأترك التفاصيل لسعة أفق القارئ الكريم. كنتُ قبل كتابتي لهذا المقال بساعات في حفل لتدشين إحدى فعاليات وسيلة إعلامية، وكان ممّا قاله القائم على هذه الوسيلة إنها تأتي في سياق «الصراع بين الحق والباطل»، وإنها كبديل إسلامي عن الإعلام الموجود، ثم استرسل في الحديث وكأننا في باريس المنحلة، أو في تل أبيب المحتلة، أو في طهران الصفوية، أو في ساحل العراة بإسطنبول العثمانية، ولكنه يتحدث من الرياض، ويعني بلاد الحرمين الشريفين المملكة العربية السعودية، فأي فكر ينطلق من هذا الفهم، وأيّ مدخلات أخرجت لنا مثل هذا الفكر والخطاب الذي يعيش على روح الصراع، في حين أن صحفنا ومجلاتنا يقوم عليها إخوتنا في الإسلام والعروبة والوطن، وبأي حق نزايد على تدينهم ورسالة وسائلهم الإعلامية. وهذا الفكر ليس جديدًا علينا؛ لأننا نراه في كل يوم عبر الانترنت عمومًا، ومواقع التواصل الاجتماعي خصوصًا، وتويتر على وجه أخص، فكم رأينا من الدعاة مَن يغرد عن مواطنينا وكأنهم ضالون، وهو وحزبه الوحيدون المهتدون، وهذا الفكر النكد لم يخرج علينا في يوم وليلة، وإنما هو نتاج فكر متطرّف نما خلال عقود، وغلا حتى وصل إلى أفكار تكفيرية وتفجيرية، والذي يزيد الطين بلة أننا لا نرى مَن يتصدّى لهذا الفكر الذي يعيش في روح الصراع مع القريب، ويتجاهل العدو الحقيقي البعيد، في حين أننا نجد أن وطننا هو الأكثر في عدد المساجد عبر العالم، وبلادنا قدوة المسلمين في المحافظة على ثوابتها الدينية والأخلاقية وتطبيقها للشريعة الإسلامية، وجميع سكانها 100% مسلمون والحمد لله، ومع ذلك لا يزال هؤلاء القوم يشعروننا في كل يوم وكأننا نعيش مع أغلبية من الفئة الضالة الجافية من نوع اليسار العلماني المتطرف، أو الشيوعي الملحد، ولكنهم بالغوا، وهوّلوا، وأرجفوا، وأهلكوا الناس! ومَن قال هلك الناس فهو أهلكَهم وأهلكُهم، والصحيح أن الذين نشكو منهم هم الفئة الضالة من نوع اليمين الغالي الإرهابي الذي منح نفسه صكوك الهداية والغفران والجنة، وحكم على خصومه بالضلال والمقت والنار، وربما كفرهم واستباح أعراضهم وأرواحهم. ومن هذا المنبر أوجه خطابي لوزارة الشؤون الإسلامية بصفتها المسؤولة عن المساجد والدعوة والإرشاد، فنحن نرى أن المساجد ينطلق من بعض منابرها بعض هؤلاء المتيمين بهوس الصراع، ومن بعض حلقات مساجدها يخرج بعض الفتيان الذين نراهم في تويتر يحملون نفس الفكر، فضلاً عن الدعوة وواجبها تجاه هذا التطرف الفكري، والتصور الغالي تجاه الآخرين من إخوتنا المواطنين، وأخص بالذكر مهنة (الإرشاد) التي أراها غائبة عن أجندة الوزارة، فأين الإرشاد في دروس مساجدنا، وخطب جوامعنا بتوعية الناس وتوجيههم نحو الوسطية، وترشيدهم نحو الاعتدال في الفكر والسلوك؟!، وأركز على وجوب المراقبة الفكرية على جميع الجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم وحلقات بنينها ودُور بناتها ووجوب التوجيه نحو الفكر الإسلامي الوسطي وليس الحزبي المتطرف الذي لا يرى الحق إلا مع نفسه وأما غيره فمنافقون وضالون وفي الدرك الأسفل من النار!، وكذلك المراقبة الفكرية لفروع الدعوة والمكاتب التعاونية للدعوة والإرشاد وتوعية الجاليات التي صار بعضها وكراً للتنظيمات الإرهابية من القاعدة والإخوانيين والسروريين وبشكل لا تخطيه العين سواء من حيث كونها مصدرا للتجنيد البشري أو التمويل المالي للأنشطة الحركية والحزبية والصحف الالكترونية وحسابات تويتر فضلاً عن المناشط اليومية والموسمية التي تغذي هذا الفكر النكد. كما أوجه خطابي إلى المسؤولين عن التعليم العام والعالي والإعلام، لأنهم مقصرون في حسن مخرجاتهم، وتحت أيديهم مناهج وخطط يجب تفعيلها لتخريج المواطن الصالح فكريًّا وسلوكيًّا تجاه نفسه وتجاه غيره من المواطنين، وليس بأن يحسب نفسه من المبشرين بالجنة، وغيره من المخلدين بالنار، حيث رأينا معلمين وأساتذة جامعات يتبنون الفكر المتطرف والإرهابي ويناوئون البلاد والعباد وبكل وقاحة، فكيف ستكون مخرجات طلابهم إذن؟! وأخيرًا أحمّل المسؤولية للجهات الراصدة والمختصة بالضبط الجنائي والنيابة العامة، حيث يجب عليها متابعة الواقع الالكتروني، وتحريك الدعاوى على المعتدين، وفرض النظام العام، واستتباب الأمن والسلم الوطنيين، لأن السكوت عن فكر وهوس الصراع، ونظرية المؤامرة، وفوبيا الآخر، وسوء الظن بالإخوة سينتهي بنا إلى ما لا تحمد عقباه، حيث سيتم تكفير المسلمين واستباحة دمائهم وأعراضهم وأموالهم، وما حصل من تصريحات بعضهم أكبر دليل، فهل نفيق؟! اللهمَّ هل بلّغت.. اللهمَّ فاشهد.